عَذابِ النَّارِ) (١) ، وفي الطّالحين يقول سبحانه : (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (٢). ولئن كانت الآيات الّتي أشرنا إليها آنفا لا تحدد طبيعة الجزاء الإلهي ، فإنّ النّصوص في مواضع أخرى تحدثنا عن طبيعته على نحو يتفاوت في تفاصيله. ومع أنّه يشق في بعض الحالات أن نقرر عن أي الحياتين يتحدث ، في مثل قوله تعالى : (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ) (٣) ـ فلسوف نحاول أن نبحث على حدة كلا من لحظتي هذا الجزاء الإلهي : في العاجلة ، وفي الحياة الأخرى الآجلة.
١ ـ «الجزاء الإلهي في العاجلة»
هذا الوعد بالجزاء الإلهي هو في جانب كبير منه ذو طابع أخلاقي : عقلي ، أو روحي ، فالطابع المادي الخالص يمثل هنا ، على نقيض المنهج العبراني ، نسبة تافهة ، إن لم يكن كمية سلبية ، وسنرى الآن أي اعتدال يتفرد به القرآن وهو يعبر عن هذا النّوع من الخير العاجل.
ا ـ الجانب المادي :
والموضع الوحيد الّذي ينشيء وعدا ببعض الخير العاجل ـ فيما عدا العبارات الموجزة الّتي ذكرناها آنفا ، والّتي تعلن ببساطة أنّ الفضيلة سوف تحصل على
__________________
(١) بالنسبة إلى الخير : البقرة : ٢٠١ ، آل عمران : ١٤٨ ، النّساء : ١٣٤ ، يوسف : ٥٦ و ٥٧ ، النّحل : ٣٠ و ٤١ و ٩٧ و ١٢٢ ، العنكبوت : ٢٧ ، فصلت : ٣١ (ـ ٨ آ و ٣ ب).
(٢) وبالنسبة إلى الشّر ، البقرة : ٨٥ و ١١٤ ، آل عمران : ١٢ و ٥٦ ، المائدة : ٤١ ، التّوبة : ٧٤ ، النّحل : ٧٥ ، الحجّ : ٩ و ١١ ، النّور : ١٩ ، السّجدة : ٢١ ، الزّمر : ٢٦ و ٤٠ ، فصلت : ١٦ ، نوح : ٢٥ (ـ ٦ آ و ٩ ب).
(٣) البقرة : ٢٧٦.