الذائدين عنها ، وإنّما هو الحكم في هذه الدّنيا : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (١).
وإنّا لنعلم أنّ ذلك كان خلال عدة قرون ، ولكنه يبقى ما بقيت شروطه متحققة ، فإذا كان بعض الأمور قد اختلف ، فإنّما قد كان طبقا لنفس القانون ، لأنّ من المكتوب الإلهي : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) (٢). وأهم الفضائل المطلوبة لأهلية الحكم الفضيلة الإجتماعية ، فمن المشاهد أنّ حكما علمانيا يمكن أن يستمر ، ويزدهر بالإتحاد ، والعدالة أكثر من حكم أدعياء الإيمان ، إذا ما ركنوا إلى الأخلاق المنحلة ، وإلى الفوضى ، والعصيان ، ولقد أعلن القرآن هذه الحقيقة في قوله : (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ) (٣).
فهذه فيما يتعلق بالجانب الجماعي (ـ ٤ آ و ٣١ ب).
جـ ـ «الجانب العقلي ، والأخلاقي»
بيد أنّ الجزاء الإلهي لا يتوقف عند هذا الحدّ ، فهو لا يقتصر على تثبيت أقدام المؤمنين أمام عقبات الحياة المادية ، أو إشباع مطامحهم الجماعية إلى السّلام
__________________
(١) النّور : ٥٥ (ـ ١ ب).
(٢) الأنبياء : ١٠٥.
(٣) محمّد : ٣٨. (ـ ١ ب).