حـ ـ ما الجنّة ، وما الجحيم في المفهوم القرآني؟ .. وما طبيعة هذا الثّواب ، وذاك العقاب؟ .. إننا حتّى الآن لا ندري شيئا عنهما ، وقد قدمهما لنا القرآن في الموضوعات السّابقة بشكل مزدوج ، روحي ، ومادي ، يحتوي تارة طابعا إيجابيا ، وتارة طابعا سلبيا.
ولسوف ندرس كلا هذين الجانبين من الحياة الآخرة ، كلا على حدة ، بقدر ما يتسنى ذلك ، ولكن لنقل ابتداء ، كلمة عن مرحلة الإنتقال بين الحياتين.
تذوق أولي للمصير :
يتلقى الصّالحون ، منذ اللحظة الّتي تدعى فيها أنفسهم إلى بارئها ، البشري الّتي تنتظرهم ، وتتلقاهم الملائكة بالتحية ، وفي ذلك يقول القرآن :
(الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١) ، ويكون الشّهداء بخاصة : (فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٢).
أمّا الهالكون فإنّهم يبدأون مع الخفقة الأخيرة من حياتهم في مواجهة الواقع المرير : (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ
__________________
ـ و ٦٥ ، الجاثية : ٧ و ٨ و ٩ و ١٠ و ١١ ، الأحقاف : ٢٠ ، الفتح : ١٦ و ١٧ ، الذاريات : ٦٠ ، الطّور : ٧ و ٤٥ ، الحديد : ١٣ و ٢٠ ، المجادلة : ٤ و ٥ و ١٥ و ١٦ ، الحشر : ٤ و ٧ و ١٥ ، التّغابن : ٥ ، الطّلاق : ١٠ ، الملك : ٢٨ ، القلم : ٣٣ ، المعارج : ١ ، الجن : ١٧ ، الإنسان : ٣١ ، المرسلات : ١٥ و ١٩ و ٢٤ و ٢٨ و ٣٤ و ٣٧ و ٤٠ و ٤٥ و ٤٧ و ٤٩ ، المطففين : ١ ، الإنشقاق : ٢٤ ، الغاشية : ٢٤ ، الماعون : ٤ (ـ ٩٤ آ و ٦٦ ب).
(١) النّحل : ٣٢.
(٢) آل عمران : ١٧٠.