الّذي يمنحه لأشرف المشاعر ، وأرقها ، والقيم الأخلاقية الّتي يؤدي تطبيقه إلى تحقيقها ، والغايات العظمى في هذه الدّنيا ، وفي الأخرى ... كلّ ذلك يسهم في دعم سلطان الواجب القرآني.
بيد أنّ خاتمتنا هذه ، بدلا من أن تذلل جميع الصّعوبات ، يبدو أنّها أثارت صعوبة جديدة ؛ ذلك أنّ جميع الطّاقات حين تسخر على هذا النّحو ، وإذا ما توترت كلّ القوى ونشطت ، وإذا ما تهيأت كلّ الوسائل واستعدت ، فلا يبقى سوى أن تتحرك تحت عصا الإرادة ـ فهل سيكون من حقّ هذه الإرادة أن تستعير دوافعها من مجالات جدّ مختلفة؟ .. وهل يمكن أن يقوم أي شي ، في نظر القرآن على أنّه حافز على العمل؟.
وبعد أن وفقت الأخلاق القرآنية بين الإختلافات ، وأجابت عن جميع المقتضيات المشروعة ، على صعيد الجزاء ـ هل تبدو هذه الأخلاق لا مبالية في مجال «النّيّة» ، وذلك من وجهة نظر عرضنا للموضوع؟
أتكفيها المطابقة المادية ، أيّا كان المبدأ الّذي يلهمها ، أو حتّى في غيبة الشّعور بالواجب كلية؟ .. تلكم هي المسألة الّتي تواجهنا الآن بإلحاح ، وهي ما خصصنا له الفصل التّالي.