وخصوصية. بل إنّ هذا الموضوع هو المبدأ الأوّل الّذي يلهم الإرادة ، ويحدد حركتها نحو العمل.
هاتان النّظرتان للإرادة هما موضوعان مختلفان من موضوعات الدّراسة في العلم. فعلى حين أنّ النّيّة الغائية يكثر تناولها بخاصة لدى الأخلاقيين ، نجد أنّ علماء النّفس ، والقضاة مشغولون أكثر بدراسة النّيّة بمعناها العام ، والموضوعي بعامة ، بحيث يجوز لنا أن نفرق بين هذين النّوعين من النّيّة ، بأن نطلق عليهما ، كلّ على حدة : النّيّة الأخلاقية ، والنّيّة النّفسية ، (أو السّيكولوجية) لا لأنّ الأخلاقية لا تهتم بإختيار الموضوع المباشر (فهذا الإختيار بعكس ذلك هو شرطها الأولي) ، ولكن لأنّ الفعل الّذي يفقد فقدانا كاملا هذه النّيّة الأولى ـ لا يدخل في مجال الأخلاق [amorale] (١) ، أعني يكون محايدا ؛ على حين أنّ الإرادة الّتي تسعى وراء غايات غير مشروعة هي إرادة ضد الأخلاق [immorale] ، أعني : آثمة.
أمّا النّيّة النّفسية ، فإنّها لا تفعل أكثر من أن تمنح العمل حقّ الحياة ، إنّها تجعله صحيحا ، يعتمد عليه ، والنّيّة الحسنة أخلاقيا تجلب إليه ما يناسبه من القيمة. ولقد كان من المستحسن دون شك أن يحدد هذان النّوعان في اللّغة الشّائعة بتسميتين مختلفتين ، ولكن لم يحدث من ذلك شيء ، بكلّ أسف ، بل لقد خلطت اللّغة بينهما دائما في لفظ واحد ، تاركة لنا مهمة تمييز المعنى الدّقيق المراد منه ، بحسب السّياقات ، أو الظّروف الّتي يستعمل فيها. أمّا الّذين يولعون بالوضوح ،
__________________
(١) يقصد بهذه الكلمة أنّه ليست فيه فكرة الأوامر الأخلاقية ، فلا علاقة له بها. «المعرب».