وإذن فإنّ أولئك الّذين يؤدون واجباتي الإجتماعية ، بدلا مني ، أو أولئك الّذين يحملونني على أدائها على الرّغم مني ـ هؤلاء ، وأولئك لا يفعلون ما يفعلون من أجلي ، بل من أجلهم هم ، بمقتضى واجب آخر ، فليقم من شاء بهذا الواجب الأخير ، ولتكف العدالة عن أن تطالبني بشيء ، أو تطالب الآخرين به ، لمصلحة طرف ثالث ، ولكن واجبي تجاه نفسي سوف يبقى كاملا ، ما دمت لا أتدخل شخصيا لأدائه عن رضا ، واقتناع كامل ، ووعي بمسئوليتي.
ولقد يلح البعض محاولا إظهار عجز هذه الإجابة عن التّوفيق بين الأحداث المذكورة ، والمبدأ الموضوع. ذلك أنّه قد يقال لنا : سواء أكان أداء الواجب على المستوى الفردي ، أو المستوى العام فإنّكم توافقون دائما على وجود واجب ، في مكان ما ، قابل لأن يتحقق بصورة آلية ، أو بالإكراه؟
ونجيب على ذلك بأننا حين نميز بين هذين الجانبين للواجب ، فإننا نميز بذلك أيضا بين ذاتين في باب التّكليف ، إحداهما رئيسية ، والأخرى إضافية ، وبناء عليه فإنّ وفاء هذه الأخيرة بواجبها لا يستتبع بالضرورة وفاء الأولى ، ولكن كلّ ذات معتبرة ، على حدة ، على أنّها لا تتحلل من مسئوليتها إلّا بشرط أن تعرف ما الّذي تفعله ... وأنّها تريده صراحة!.
وتبقى نقطة واحدة في هذه الأحداث ينبغي بيانها ، هي تلك العلاقة بين المجتمع ، والفرد في الشّرع الإسلامي ، العلاقة الّتي ترينا هذا المجتمع قليل الإلحاح من النّاحية الأخلاقية ، حتّى إنّه يوقف أي إكراه لأفراده متى ما حصل منهم على واقع مادي ، حتّى لو كان لا شعوريا على الإطلاق.
وإجابة المسألة المطروحة على هذا النّحو من أيسر ما يكون ، فكيف تريدون