كُسالى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كارِهُونَ) (١). وهو أيضا السّبب في أنّه وصف هؤلاء النّاس الّذين لا إيمان لهم ، ولا شجاعة عندهم ، والّذين يتظاهرون جبنا بالإيمان المنافق ، عن خوف ، لا عن اقتناع ـ وصفهم بأنّهم ليسوا مطلقا في عداد المؤمنين : (وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ) (٢).
والشّرط الصّريح للأخلاقية (وللإيمان ذاته) يتمثل ، كما حدث القرآن ، في أن يقبل المرء مختارا جميع أوامر الشّريعة ، وأن يخضع نفسه لها كلّية ، لدرجة ألّا يجد شيئا يتردد في نفسه : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (٣).
بيد أننا لكي نقدم للقارىء قولة عامة تلخص ، وتستوعب بلا حدود هذه الأمثلة القرآنية ـ لا نجد خيرا من أن نذكر تلك القولة المحمّديّة الّتي جعلها البخاري في صدر صحيحه من الحديث الشّريف : «إنّما الأعمال بالنّيّات» (٤) ، وهذه القولة الّتي يترجمونها عادة بمعنى : «إنّ الأعمال لا قيمة لها إلّا بنواياها» ، ـ هي في الواقع أكثر مضمونا ، ووضوحا من ترجمتها ؛ إنّها تقول بالحرف : «إنّ الأعمال لا توجد (أخلاقيا) إلّا بالنوايا».
__________________
(١) التّوبة : ٥٤.
(٢) التّوبة : ٥٦.
(٣) النّساء : ٦٥.
(٤) انظر ، صحيح البخاري : ١ / ٣ ح ١ ، النّاصريات : ١١٠ ، صحيح ابن حبّان : ٢ / ١١٣ ح ٣٨٨ ، جواهر الفقه : ٣١ ، سنن أبي داود : ٢ / ٢٦٢ ح ٢٢٠١ ، وسائل الشيعة : ١ / ٣٤ ح ١٠ ، سنن ابن ماجه : ٢ / ١٤١٣ ح ٤٢٢٧ ، الخلاف : ٤ / ٤٥٨ ، المعجم الأوسط : ١ / ١٧ ح ٤٠ ، الفردوس بمأثور الخطاب : ١ / ١١٨ ح ٤٠١ ، المعتبر للحلي : ١ / ٣٩٠.