أن نذكر هنا أنّ التّغييرات الإجتماعية ، والحضارية الكبرى ، في التّأريخ ، قد قام بها أناس مؤمنون بالله ، ملتزمون بالفضائل السّماوية ، وخير الأمثلة على ذلك ميلاد مجتمع الحضارة الإسلامية.
وقد يرى آخرون أنّ المشرع لا ينفرد وحده بوضع التّشريعات الّتي يحتاج إليها المجتمع ، بل يشاركه المجرم في سنن هذه التّشريعات ، حين يحاول إخفاء معالم جريمته بإستغلال صمت القانون عن بعض الحالات ، أو إنتهاز الثّغرات الّتي تورط فيها ، نتيجة التّضارب بين القوانين ، أو نتيجة سوء التّفسير ، فيكون إرتكابه الجريمة بمثابة أمر منه للمشرع أن يتدارك نقص ما وضع من قانون.
ومع ذلك فإنّ الإنحراف هو الإنحراف ، والفساد هو الفساد ، لا يتغير وصفه تحت أي شعار ، وفي ضوء أية فلسفة (تبريرية) ؛ لأنّه يشير إلى وجود إختلال أخلاقي يحمل في طياته نذير الشّر للأمّة ، ونظمها.
وفي غيبة المنهاج الأخلاقي يمكن أن نتصور حدوث أي شيء.
يمكن مثلا أن تشيع أمثال شعبية تلخص بعض المواقف ، وتصدر حكما بأنّ (حاميها حراميها)!!
ويمكن مثلا أن ترى السّلطة تبعا لبعض وجهات النّظر أنّ وجود المجرمين ظاهرة مرضية ، تحتاج إلى أطباء يمارسون مهمة تدليل الشّواذ ، والمنحرفين ، لا إلى تشريع حازم.
ويمكن أن نجد في كتابنا من ينظر إلى الإستقامة في سلوك على أنّها إنحراف تجب مقاومته ، وقد حدث فعلا أن تصدت إحدى الصّحفيات لبنات المدارس