تشريعه ، فلما ذا لا يطبق نفس التّقسيم الثّلاثي على الرّوح (أي الدّوافع) الّتي تحرك أنواع السّلوك المختلفة؟.
وإذن ، فلكي نحكم بأنّ نيّة معينة هي طيبة ، أو خبيثة ، أو جائزة فحسب ـ لا يكفي دائما أن ننظر فيها إلى المفهوم المجرد ، بل يجب في الوقت نفسه أن نحسب حساب عاملين آخرين ، قد يعدل تدخلهما حكمنا تعديلا عميقا :
الأوّل : نوع العمل الّذي نقصد إلى ممارسته ، لتحقيق غاية معينة ، لأنّه إذا كانت الأشياء ذات القيمة المادية ، يمكن أن تستعمل وسيلة للتوصل إلى غايات هذه الدّنيا ، فليس الأمر كذلك بالنسبة إلى واجب مقدس ، ينبغي أن يتصور لذاته ، أو لغايات أسمى.
والثّاني : الدّور الّذي يناط بباعث ، أو آخر ليؤديه في بناء قوتنا المحركة ، تبعا لما إذا كان وحده ، أو مشتركا مع باعث آخر ؛ وفي هذه الحالة الأخيرة حسبما إذا كان يكون في هذه الشّركة عنصرا رئيسيا ، أو ثانويا ؛ لأنّه في أي خليط من الدّوافع المختلفة لا يجب أن ننظر إلى طبيعة كلّ عنصر مضاف ـ فحسب ، بل ننظر كذلك إلى الأهمية النّسبية الّتي نعلقها على كلّ من هذه العناصر في المجموع. وإذا كان الإنسان ذاته خليطا فكيف لا نبالي بالعمل الّذي يدل على طبيعته بصورة أفضل؟.
إنّ من المناسب فقط أن نحكم عليه تبعا للتفضيل الّذي يمنحه لهذه الغاية على تلك الغاية الأخرى ، ومعنى النّسبة يقتضيه ، كما يقتضيه المبدأ القرآني ، الّذي سوف توزن طبقا له أعمالنا ، حتّى لو كانت في وزن الذّرة.
وعلى هذا النّحو نجد أنّ خطة هذه الدّراسة قد تحددت بالفعل ، رغم أنّها