الثّناء ، والثّواب ، والدّنس الصّارخ ، الّذي دحرّ ، وذم كثيرا في النّصوص ـ توجد تلك الطّهارة النّسبية ، الوسط ، الّتي لم يذكرها القرآن صراحة بالموافقة ، أو بالرفض ، وهو موقف يدعو إلى اعتبارها لا تستحق مدحا ، ولا ذما ، وإنّما هي مباحة فحسب.
ويمكننا كذلك القول بأنّ القرآن قد ارتضى هذا الموقف الإنتفاعي ، إن لم يكن شجعه على نحو ما بمجرد التّبشير بالمجازاة.
ولا ريب أنّه لم يقل مطلقا : أدوا واجباتكم ، ناظرين إلى سعادتكم الأخروية ، ولكنه قال : أدوها لله ، وحين تؤدونها بهذه النّيّة سوف تكونون سعداء.
وإذا كانت هذه الصّورة قد غابت حتّى عن بعض الفلاسفة فبوسعنا أن نحكم بصعوبة إدراكها على عامة المؤمنين. فالإنسان الوسط سوف يحتفظ دائما منها صورة الوعود الجميلة للصالحين (والنّذر المخوفة للأشرار) ، ولما كان هذا الإنسان ضعيفا ، وحساسا بطبيعته ، وعلى افتراض أنّه مؤمن ، فإنّه سوف ينقاد بفطرته إلى التّعلل بالآمال (والإحساس بالمخاوف) إلى جانب شعوره بالواجب.
وإذن ، فعند ما يجتمع الشّعور بالواجب مع الحاجة إلى الأمن ، ويتسايران في الضّمير دون افتراق ـ فلا قوة على وجه الأرض ، متى تحركت الفطرة ، تستطيع أن تمنع آثار هذا الإتصال الدّائم ؛ إذ كيف يستطيع تشريع عادل أنّ يحرم ثمرة أودعت بذرتها في القلب؟ ..
ولكن ، لنتناول الأمر تناولا عقليا.
قد يقال إنّ العمل بدافع الخوف من العقاب هو أبعد شيء عن أن يكون مبدأ ذا قيمة أخلاقية ، ونحن أوّل من نوافق على هذا الرّأي. ولكن هل هو دافع يتساوى