هبّ البعث لم تأتنا رسله |
|
وجاحمة النّار لم تضرم |
أليس من الواجب المستحقّ |
|
ثناء العباد على المنعم؟! |
وهكذا نجد أنّ الأهمية الّتي يعلقها مؤمن صحيح الإيمان على السّعادة لا تمثل سوى منفعة فرعية ، ثانوية ، أو زيادة يمكن أن يستغني عنها عند اللّزوم ، حين توشك أن تهدد أعظم هدف جوهري في نظره وهو : إرضاء الله.
وهذا الموقف العاقل ، النّبيل ، الّذي يرى بنظرة واحدة المثل الأعلى الخالص ، وضعف الفطرة المجردة ـ هذا الموقف متمثل بأكمل صورة في دعاء جميل للنبي صلىاللهعليهوسلم ، فحين كفر القوم به ، وجحدوا الحقّ الّذي أنزل معه ، وعرضوه لأشد ألوان الإضطهاد ـ نادى ربّه : «أللهمّ إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على النّاس ، يا أرحم الرّاحمين ، إلى من تكلني ، إلى عدوّ يتجهّمني ، أم إلى قريب ملّكته أمري ، إن لم تكن ساخطا عليّ فلا أبالي ، غير أن عافيتك أوسع لي» (١).
فلنمض إلى ما هو أعمق ، ولنسأل أنفسنا عن درجة هذا الطّموح إلى السّعادة المقبلة ، وعن أهميته ، حتّى نعرف إذا كان من الممكن أن ينشىء لدى المؤمن دافعا مستقلا ، وصالحا ليقود إرادته بمفرده.
فأمّا من الوجه الّذي يصوغ به القرآن ، وعوده فلا بدّ من شرطين لإستحقاق السّعادة الأبدية : طهارة القلب ، والإيمان الدّائم ، حتّى الموت ، وبالأخص في
__________________
(١) انظر ، الجامع الصّغير : ١ / ٢٢١ ح ١٤٨٣ ، وهو النّص الّذي اخترناه. (المعرب). وانظر ، كتاب الدّعاء للطبراني : ٣١٥ ، كنز العمال : ٢ / ١٧٥ ح ٣٦١٤ ، المصنّف لابن أبي شيبة : ٧ / ٨٥ ح ٦ ، السّيرة الحلبية : ٢ / ٢٦٨ ، تفسير الطّبري : ١ / ٥٥٤ ، تفسير القرطبي : ١٦ / ٢١١ ، فيض القدير : ٢ / ١١٩ ، الأحاديث المختارة : ٩ / ١٨١.