أو العادة؟ ...
إنّ الشّهوة ، حتّى لو كانت مقيدة بالقاعدة ، هي دائما شهوة ، ولذلك نعد من باب التّافه المبتذل ذلك السّعي إلى الخير الشّخصي ، عاجله ، وآجله ، بل هو فقط من باب المباح.
ولن يكون الأمر كذلك حين تكشف الإرادة من وراء اللامبالاة الظّاهرية الّتي يبديها القانون ، أسبابا إيجابية «تجعل العمل أفضل من الإمتناع ـ من النّاحية الأخلاقية» ، فتسعى هذه الإرادة إلى الموضوع ، لا من حيث هو مشبع لشهوة ، بل من حيث إنّ هذا الإشباع سوف يكون فرصة لخير أخلاقي ندب إليه الشّرع.
وإليكم أمثلة مستقاة من السّنّة النّبوّيّة :
١ ـ الكسب :
وذلك أنّ النّشاط المنظم في اكتساب خيرات الأرض تتغير قيمته ، تبعا للهدف الجوهري الّذي يختطه لنفسه ، وتبعا للروح الّتي تحركه.
فإذا كان الهدف هو الفرح بالتملك ، وإمكانة الّتمتع بالحياة دون تعثر ، فإنّه يظل متوجها إلى الفطرة ، ولا يستحق أكثر من أن يوصف بأنّه (لا بأس به). ومن هذا الباب قوله صلىاللهعليهوسلم : «لا بأس بالغنى لمن اتقى» (١).
فأمّا إذا كان في مصدر هذا النّشاط نظرة نزيهة ، وإذا كان العامل يتحرك متطلعا
__________________
(١) انظر ، سنن ابن ماجه : ٢ / ٧٢٤ ح ٢١٤١ ، مصباح الزّجاجة : ٣ / ٦ ، مسند أحمد : ٥ / ٣٧٢ ح ٢٣٢٠٦ ، الأحاد والمثاني : ٥ / ٢٨ ح ٢٥٦٦ ، الأدب المفرد : ١ / ١١٣ ح ٣٠١ ، الفردوس بمأثور الخطاب : ٥ / ٢٠١ ح ٧٩٤٩ ، البيان والتّعريف : ٢ / ٢٧١ ، فيض القدير : ٦ / ٣٨٢ ، تهذيب الكمال : ١٤ / ٤٥١ ، كشف الخفاء : ٢ / ٤٦٨ ح ٢٩٨٧.