الاستثناءات ، بروح النّظام ، والموافقة الكلية ، لا على سبيل التّرف ، والتّفريط ـ فإنّه يرتقي إلى ما فوق مرحلة براءة العوام ، وهو يبرهن بذلك على تواضعه ، وخشوعه أمام الله ، حين يقر بعدالة كلّ إجراء رحيم ، من لدنه ، بإعتباره تلطفا إلهيا بضعفنا الإنساني.
وبعكس ذلك ، فإنّ من يزعم لنفسه القوة على تحمل المشقة ، وعلى التزام الإجراء الصّارم ، الّذي يتقرر في الظّروف العادية ، أو شك أن يقول لله : «إنني أستطيع أن أستغني عن رحمتك».
٤ ـ اللّعب :
هل هناك ما هو أكثر ابتذالا ، وتفاهة في نظر الحكمة القرآنية من اللّعب واللهو؟ وكلما أراد القرآن أن يضع من شأن الحياة الدّنيوية ، وأن يحقرها ـ هل استعمل في ذلك سوى أن يصفها بهذين اللّفظين : (لَعِبٌ وَلَهْوٌ) (١)؟ ..
ومع ذلك ، فإنّ النّبي صلىاللهعليهوسلم يتحدث عن بعض الألعاب الرّياضية (كالرمي ، وتربية الخيل) ، وهي ألعاب ذات قيمة ، فقال عن عثمان رضى الله عنه : «كلّ شيء ليس من ذكر الله ، فهو لعب ولهو ، إلّا أن يكون أربعة : ملاعبة الرّجل امرأته ، وتأديب الرّجل فرسه ، ومشي الرّجل بين الغرضين ، وتعليم الرّجل السّباحة» (٢).
__________________
(١) الأنعام : ٣٢.
(٢) انظر ، الجامع الصّغير للسيوطي : ٢ / ٩٣ ، وروى النّسائي : ٦ / ١٨٥ ، طبعة الحلبي و : ٦ / ٢٢٢ ح ٣٥٧٨ (وليس اللهو إلّا في ثلاثة : تأديب الرّجل فرسه ، وملاعبته امرأته ، ورميه بقوسه ونبله). «المعرب». انظر ، مجمع الزّوائد : ٨ / ٢٦٩ ، مسند أحمد : ٤ / ١٤٦ ، فيض القدير : ٥ / ٢٣ ، نصب الراية : ٤ / ٢٧٣ ، البيان والتّعريف : ٢ / ١٤٦ ، المحلى : ٩ / ٥٦ ، كتاب الأمّ : ٦ / ٢٠٨ ، المعجم الأوسط : ٨ / ١١٩ ح ٨١٤٧ ، المعجم الكبير : ٢ / ١٩٣ ح ١٧٨٥.