واستقامة حاله ، وذلك كلّه لأجل الدّين ، وعدة الآخرة ، وشكرا لرّبه تعالى ، ودخولا فيما أحل له ، واعترافا بما أنعم عليه ، واتباعا لسّنة نبيّه فيه ، ولا يكون واقفا مع طبع ، ولا جاريا على العادة» (١).
فلنتناول الآن دراسة المجموعة الثّالثة.
د ـ النّيّات السّيئة :
كما أنّه لا يمكن أن يكون بين نقطتي المكان الإقليدي (٢) «سوى خط مستقيم واحد» ، فكذلك الحال في علاقة ذات التّكليف بموضوعه ، بوساطة النّيّة ـ لا يمكن أن «توجد سوى طريق واحدة للفضيلة» ، هي الطّريق الّتي تبدو فيها نيّة الذات كاملة ، بمعنى أن تكون متطابقة مع قصد المشرع ، فإن كانت مطابقة لقصد أمره (أي بدافع الواجب) فهي نيّة حسنة ، وإن كانت مطابقة فقط لقصد عفوه (أي بالإفادة من هذه الرّخصة) ـ فهي نيّة مقبولة.
وأي انحراف شعوري ، وإرادي عن الطّريق المرسومة على هذا النّحو ، يفضي بالضرورة إلى نيّة آثمة. ومع ذلك فما أكثر ما نجد خارج هذه الطّريق المستقيمة ، ما لا نهاية له من الإتجاهات ، والمنعطفات ، والغوايات!!
وهكذا تقف وحدة مبدأ الأخلاقية في مواجهة مبادىء مناقضة لها ، لا تحصى كثرتها ، وهو ما أشار إليه القرآن في قوله تعالى : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً
__________________
(١) انظر ، قوت القلوب ، للمكي : ٢ / ٣٣٦ ، طبعة الحلبي.
(٢) إقليدس رياضي إغريقي كان يعلم في مدرسة الاسكندرية على عهد بطليموس الأوّل ، (في القرن الثّالث قبل الميلاد). «المعرب».