فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) (١).
وإذن فلسوف يكون من المجازفة ، والتّخبط أن نشرع في إحصاء كامل لكلّ الإنحرافات ، أو حتّى أن نجري تصنيفا عاما لمختلف أنواع هذه المجموعة.
ولما كانت طبيعة الموضوع لا تقبل تنظيما دقيقا على هذا النّحو ، فإننا نقتصر على إبراز الحالات الواضحة ، الّتي ركز عليها القرآن ، والحديث تركيزا خاصا ، وهي : نيّة الإضرار ، ونيّة التّهرب من الواجب ، ونيّة الحصول على كسب غير مشروع ، ونيّة إرضاء النّاس (الرّياء).
١ ـ نيّة الاضرار :
من المعروف ، على الصّعيد الإجتماعي ، أنّ الشّريعة الإسلاميّة قد اتخذت مجموعة من الإجراءات ، الّتي لو طبقت تطبيقا أمينا لأدت ـ دون أي تقصير ـ إلى خلق مجتمع قوي ، وسعيد ، متضامن ، ومزدهر ، تحكمه العدالة ، والرّحمة في آن.
ولكنا نعلم من ناحية أخرى أنّ أفضل شرائع العالم تصبح عاجزة ، إذا فقدت الإرادة الطّيبة لدى النّاس ، الّذين تنطبق عليهم ، أو الّذين دعوا إلى تطبيقها.
إنّ أفظع طريقة لتخريب أيّة شريعة لا تتمثل في أن تواجهها مقاومة شرسة ، أو أن يفغل العمل بها : فلقد يكون هذا طريقة أخرى لإحترام قداستها ، بألا تدنس طهارتها النّظرية ، وبحصر العمل بها في أكثر الأيدي نزاهة ، وهو فضلا عن ذلك يتركها للزمن ، ليبرهن على إحكامها ، عند ما يسمح بتطبيقها.
ولكن أسوأ المواقف ، وأضرها بشريعة ما ـ هو أن نتظاهر في مواجهتها بمظهر
__________________
(١) الأنعام : ١٥٣.