وإذن ، فالهدف من عقد المخاطرة تقديم النّقود المقترضة في صورة ثمن بيع ، وهاكم وصف العملية : فالمقرض يقدم أوّلا لمستقرضه سلعة يبيعه إياها بثمن مؤجل أعلى ، ثمّ هو بعد ذلك يشتريها منه نقدا وبثمن أدنى ، بحيث نجدنا ـ في نهاية العمليتين ـ في نفس حالة الرّبا الصّريح : فالمستقرض يقبض نقودا الآن ، ويتعهد بأن يرد فيما بعد أكثر مما قبض ، وقد استعمل خروج السّلعة ودخولها ، لتغطية ، وتلطيف الوقع الحاد للكسب غير المشروع.
ما قيمة هذه السّوق في الفقه الإسلامي؟ ..
إنّ الأمور إذا سارت علنية على نحو ما وصفنا ، أعني : إذا كان من المتفق عليه مسبقا بين الطّرفين إعادة بيع ما سبق شراؤه لنفس الشّخص ، فإن اتفاق الفقهاء إجماعي على إبطال هذا العقد ، بإعتباره عقدا ربويا ، ولكن إذا كنّا أمام عمليتين متتابعتين ، دون أن نلاحظ فيهما توطؤا ، فهل يجب أن نعتبر العمليتين وحدة واحدة؟ .. أليس من الممكن أن تكون هناك سوقان منفصلتان ، يجوز أن تكون ثانيتهما مفروضة ، على إثر رجوع المشتري عن رأيه فجأة ، بعد فوات الأوان ، ندما على إبرامه الأولى؟.
إنّ من الصّعب أن نحكم بيقين على النّيّة العميقة لدى النّاس ، ولكن كيف نحكم على قضية من هذا القبيل؟.
أمّا المالكية فيرون أنّ هذا الكسب غير مشروع ، وهو ربا.
وأمّا الشّافعية فيبيحونه ، ويقرونه شرعا.
فهما حكمان متعارضان ، ولكنهما في الحقيقة لا يحكمان في حالة واحدة ،