ه ـ إخلاص النّيّة واختلاط البواعث :
وإذن ، فالنّيّة توصف بأنّها حسنة ، أو عادية ، أو سيئة ، تبعا لما إذا كانت طاعة الإنسان لله من أجل ذاته ، أو كانت ذات هدف نفعي ، مشروع ، أو غير مشروع.
هذا التّشريع يفترض أن تحكم الإرادة بمبدأ وحيد ، صحيح ، أو غير صحيح ، وليس بوسعنا أن ننكر الإمكان النّظري لهذا الإفراد ، ولكن أدنى ما يمكن أن نقوله هو أنّه نادر إلى أقصى حدّ.
وأكثر الحالات ورودا هي الحالة الّتي تصطرع فيها أسباب كثيرة لصالح قرارنا ، فما ذا يمكن ـ تبعا للمبادىء القرآنية ـ أن تكون القيمة الأخلاقية لقرار معين تشترك فيه مجموعة من البواعث؟؟
لنذكر أوّلا النّصوص الّتي سبق ذكرناها (١) ، والّتي لا يمجد القرآن فيها فحسب ، بل يطلب منا بقوة ، أن يكون لنا قلب خالص من تأثير الدّنيا ، ومن أهوائه الخاصة ، قلب يتخذ من الله عزوجل الهدف الوحيد لأعماله. وهذا هو مجموع الشّروط الّتي تتحدد بها صفة «الخضوع الخالص» ، والّتي قال الله عنها بأنّ وجود الإنسان على الأرض ليس له من سبب آخر سواها (٢).
ولقد يحاول امرؤ أن يبدو مترددا بصدد المدلول الحقيقي لهذه الأقوال ، فيقول لنا : ربما كان الغرض إقصاء الوثنية السّفيهة ، الّتي هي إدخال بعض المخلوقات هدفا للتعبد في العمل العبادي ، وهو ما لا يستتبع بالضرورة إدانة هذا الإنحراف الدّقيق للإرادة ، الّذي يتمثل في خليط من الدّوافع إلى طاعة الله.
__________________
(١) انظر فيما سبق : (٢ ، ب).
(٢) إشارة إلى قوله تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) الذاريات : ٥٦.