الفصل الخامس :
الجهد
الآن وقد ميزنا بصورة كافية ، بين عنصرين متميزين في البناء الأخلاقي ، هما : «النّيّة» و«العمل» ، وبعد أن حددنا الدّور المزدوج «للنيّة» (١) ـ يبقى علينا أن نجلو الأهمية الفائقة للعنصر الثّاني : «العمل» ، وهو السّلاح الوحيد ، الهجومي والدّفاعي ، في معركة الفضيلة.
والواقع أنّ المدد الوحيد في يد الإنسان لكي يصل إلى غاياته ، وواجبه الوحيد في الوقت نفسه ـ منحصر في أن يستعمل قواه المعنوية ، والمادية ، القادرة على هدايته اليها ، سواء أكانت الغاية أن يتخذ قرارا أخلاقيا ، أو أن ينفذه ، وسواء أكان يريد إصلاح خلّة باطنية ، أو تزكية نيّة.
وربما كان من غير المفيد ، وغير المعقول ، على سواء ، أن يمارس الإنسان نشاطا ، أيّا كان ، لكي يكسب الفضيلة ، لو كانت النّفس الإنسانيّة ذات طبيعة كاملة مكملة ، أو إذا كانت هذه الطّبيعة برغم ما فيها من نقص ، غير قادرة على
__________________
(١) انظر ، من حيث هي شرط صحة ، وشرط قيمة للسلوك.