الميلادي ، تحتفظ دائما بقيمتها ، وهي تدعو دائما كلّ كاتب أن يسير على نهجها.
ولسوف يكون لدى قارئنا الواعي فرصة أن يقدر إلى أي مدى يوفي كتابنا ـ الّذي نقدمه اليوم إليه ـ بهذه الشّرائط ؛ فلم يكن شروعنا في هذا المؤلّف الجديد عن القرآن ، عبثا نضيع فيه وقتنا ، ونثقل به على قرائنا ، ونزحم به مكتباتنا ، فإذا لم يأت علمنا هذا بشيء جديد في عالم الشّرق أو الغرب ، فلن يكن سوى مضيعة وزحمة وإثقال.
١ ـ الوضع السّابق للمشكلة :
إنّ نظرة سريعة نلقيها على مؤلفات علم الأخلاق العالم ـ الّتي كتبها علماء غربيون ـ كافية لنلحظ فيها فراغا هائلا وعميقا ، نشأ عن صمتهم المطلق عن علم الأخلاق القرآني.
والواقع أنّ هذه المؤلفات تذكره لنا بإختصار ، أو بإفاضة ، المبادىء الأخلاقية ، كما أرتأتها الوثنية الإغريقية ، ثم أديان اليهودية ، والمسيسحة.
ولكنها حين تنتهي من عرض هذه المراحل الثّلاثة ، نجدها تنقلنا بغتة إلى العصور الحديثة ، في أوربا ، مغفلة كلّ ما يمس الدّستور الأخلاقي في الإسلام.
وبرغم هذا ، فإنّ الإضافة القرآنية في هذا الباب ذات قيمة لا تقدّر ، ولسوف يفيد منها تأريخ النّظريات الأخلاقية سعة ، وعمقا ، وتوافقا ، كما تفيد المشكلة الأخلاقية ذاتها منها ، في حل مصاعبها ، سواء في ذلك المصاعب المتجددة والدّائمة.
أليست إذن خسارة ضخمة أن يغفل أمر نظرية كهذه ، وأن يلفها الصّمت؟ ...
والحقّ أنّه لو أننا ـ بدلا من أن نبحث في هذه المؤلفات عن علم الأخلاق العام