المتروكة لهذا الإختيار.
بيد أنّه ليس من الصّعب أن نلاحظ أنّ القاعدة لم تحل كلّ مشكلة ، وهي لا تستطيع مطلقا أن تحل كلّ مشكلة ، وذلك حين لا نتجاوز الإطار المقيد للحد الأدنى المقبول.
ونعود إلى نفس المثال ، لنجد أنّه يبقى علينا أن نختار الأشخاص الّذين لهم الحقّ كلّ الحقّ في مساعدتنا ، والطّريقة الّتي نعطيهم بها (وعلى سبيل المثال : سرا ، أو علانية) ، وأن نراعي كذلك كيفية عطائنا ، وبخاصة حين يكون عينيا.
وبإختصار ، كلّما خضنا في التّجربة الحسية وجدنا أنّ بديلا يفرض نفسه دائما على إختيارنا ، دون أن نخرج ـ مع ذلك ـ عن واجبنا الدّقيق.
وأخيرا فلنتناول «الدّرجة الثّالثة» من الجهد ، فعند ما نريد حل مشكلة أخلاقية يتمثل لأعيننا كثير من الحلول ، كلّها صالحة ، على وجه التّحقيق ، وقد يحدث غالبا ألا يكون صلاحها بدرجة متساوية ، فمنها ما تتوفر فيه الشّروط الأولية للواجب ، توفرا كاملا ، ومنها ما هو أكثر ، أو أقل جدارة. و«البحث عن الأفضل» هو ما ينشده الجهد المبدع في درجته الثّالثة. فهل هذا البحث عن «الأفضل» هو أيضا مما تلح الأخلاق القرآنية في طلبه مثلما تلح في طلب «الخير» دون زيادة؟ ...
من المحال علينا أن نجيب بالنفي ، فالقرآن ما يزال في الواقع يدعو معتنقيه إلى هذا النّوع من الجهد ، ويوصيهم به ، ومن ذلك قول الله تعالى.
(فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ