٢ ـ الصّلاة :
أليس في توجه المؤمن إلى الله بفكر خالص مستجمع راحة كبرى لنفسه؟ ولكن اللّغة الّتي تعبر عن هذا الفكر ليست بدون تأثير عليها ، فهي تثبتها ، وتنيرها ، وتعززها.
ثمّ إنّ خشوع البدن الّذي تتجسد فيه الفكرة إطار لهذه الفكرة ، وهو في الوقت نفسه غذاء لها. وإذا لم نبلغ المكان الّذي تتم فيه هذه «المناجاة الخاصة» إلّا بعد أن نتخذه عدة استعدادات شبيهة بما يتخذه المرء قبل زيارة شخصية رفيعة ـ فإننا بذلك نؤكد تأكيدا مضاعفا شعورنا بالإحترام لهذا الإستقبال.
والتّركيب العضوي لهذه العناصر المختلفة هو نفس تعريف الصّلاة ، الّتي أمرنا الإسلام بأدائها عدة مرات في اليوم.
ومع ذلك فإنّ الجوانب كلّها ليست متساوية النّصيب في التّكليف ، ففي ظرف معين يمكن إغفال هذا الجانب ، وفي ظرف آخر يمكن إغفال ذاك ، وهكذا ، ومن الممكن أن نغفلها جميعا ، ما خلا واحدا على وجه التّحديد ، هو الأساس والمحور ، وسائر العناصر بالنسبة إليه كالقشة بالقياس إلى البذرة ، وكالصدّفة بالنسبة إلى اللؤلؤة ، أعني : عمل القلب.
فالمحتضر الّذي لا يستطيع أن يأتي أدنى حركة ، ولا أن ينبس ببنت شفة ـ ملزم أن يؤدي صلاته أداء ذهنيا ، بشرط وجود وعيه ، وذاكرته.
وهكذا نجد أنّ العمل البدني الّذي كان منذ لحظة (فيما يتعلق بالنجدة) في المرتبة الأولى ـ لا يؤدي هنا سوى دور ثانوي ، ومع ذلك فهو يعتبر جزءا متمما