للواجب (١) ، في الظّروف العادية.
٣ ـ الصّوم :
هنا نقف أمام نوع من المشقة البدنية ، الّتي تحدث خلال أداء الواجب ، ولكنها قلما تكوّن جانبا منه. فالألم بطبيعته لا يمكن أن يكون موضوع تكليف ، لأنّ كلّ ألم ـ بمقتضى التّعريف ـ انفعال ، وليس عملا.
ولكن قد يقال لنا : إذا لم يكن ممكنا أن يكون موضوعا مباشرا لتكليف ، فقد يكوّنه بوساطة عمل معين ، يصلح لإثارته ، وإذن فمن الممكن أن يعبر عن الأمر بالصوم في هذه الكلمات : «أذق نفسك ألم الجوع ، والعطش بإمتناعك عن الشّراب ، والطّعام ، خلال ساعات محددة».
ـ ونجيب عن ذلك بأنّه لو كان الأمر هكذا فلن تكون هنالك وسيلة للطاعة ، في وسع من لا يحس بهذا الحرمان المحدد ، ما دام تطويل الصّوم زيادة على ساعاته محرما ، كتحريم قطعه قبل موعده. وإذا علمنا أنّ أولئك الّذين يرعون القاعدة بإخلاص متساوون في الطّاعة ، بصرف النّظر عن ردّ الفعل الخاص في أجسامهم ، لنتج عن ذلك بداهة ألا يدخل الألم البدني هنا في الحساب ، كجزء من الواجب ، بطريقة مباشرة ، أو غير مباشرة.
والواقع أنّ الواجب شيء آخر ، وقد كان من طريق الصّدفة أن وجدت له علاقة بالألم. والجهد الّذي نبحثه هنا ذو طابع أخلاقي أساسا ، إنّه أوّلا وقبل كلّ شيء نوع من «التّدريب» المفروض على «الإرادة الإنسانية» ، حتّى نحصل منها
__________________
(١) أي : وما لا يتم الواجب إلّا به فهو واجب ، كما تقول القاعدة الأصولية المشهورة. «المعرب».