بدننا خادما لأنفسنا ، فما كان له أن يرهق ، أو يستهلك في خدمة مثل أعلى محدود النّطاق ، لدرجة تسلمنا إلى العجز في مجالات الحياة الأخرى ، ولقد علمتنا السّنّة من قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قم ، ونم ، وصم ، وأفطر ، فإنّ لجسدك عليك حقّا ، وإنّ لعينك عليك حقّا ، وإنّ لزورك عليك حقّا ، وإن لزوجك عليك حقّا» (١) ، وفي حديث آخر يقول سلمان الفارسي لأبي الدّرداء : «إنّ لرّبك عليك حقّا ، ولنفسك عليك حقّا ، ولأهلك عليك حقّا ، فأعط كلّ ذي حق حقه ـ فأتى النّبي صلىاللهعليهوسلم فذكر ذلك له ، فقال صلىاللهعليهوسلم : صدق سلمان» (٢).
وكذلك كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم في مواطن كثيرة ، ينصح ـ تبعا للحالة ـ بالإعراض ، أو يلوم ، أو يذم الإفراط في العبادة ، كقيام اللّيل الطّويل ، وكصوم الدّهر. ومن ذلك أنّه رأى في أحد أسفاره زحاما من النّاس حول رجل يظلونه من الشّمس ـ فسأل النّبي صلىاللهعليهوسلم : ما هذا؟ فقالوا : صائم. فقال : «ليس من البر الصّيام في السّفر» (٣).
__________________
(١) انظر ، صحيح البخاري : ٢ / ٦٩٦ ح ١٨٧٣ وص : ٦٩٧ ح ١٨٧٤ و : ٥ / ٢٢٧٢ ح ٥٧٨٣ ، صحيح ابن حبان : ٨ / ٣٣٧ ح ٣٥٧١ ، سنن البيهقي الكبرى : ٤ / ٢٩٩ ح ٨٢٥٧ ، السّنن الكبرى : ٢ / ١٧٦ ح ٢٩٢٣ ، مسند أحمد : ٢ / ١٩٨ ، التّرغيب والتّرهيب : ٣ / ٢٥٠ ح ٣٩٠٤ ، فتح الباري : ٣ / ٣٩ و : ٤ / ٢١٧ و : ١٠ / ٥٣١ ح ٥٧٨٣ ، الطّبقات الكبرى : ٤ / ٢٦٣ ، المحلى : ٧ / ١٢.
(٢) انظر ، صحيح البخاري : ٢ / ٦٩٤ ح ١٨٦٧ و : ٥ / ٢٢٧٣ ح ٥٧٨٨ ، تفسير ابن كثير : ٣ / ٤٠٠ ، سير أعلام النّبلاء : ١ / ٥٤٢ ، صحيح ابن حبّان : ٢ / ٢٤ ، مسند أبي يعلى : ٢ / ١٩٣ ، تأريخ واسط : ١ / ٢٣٣ ، الإستيعاب : ٢ / ٦٣٧ ، سنن التّرمذي : ٤ / ٦٠٨ ح ٢٤١٣ ، صفوة الصّفوة : ١ / ٣٥٦ ، نصب الرّاية : ٢ / ٤٦٥ ، نيل الأوطار : ٤ / ٣٤٦.
(٣) انظر ، صحيح البخاري : ٢ / ٦٨٧ ح ١٨٤٤ ، الانتصار : ١٩٢ ، الفردوس بمأثور الخطاب : ٣ / ٣٨٠ ح ٥١٥٦ ، فتح الباري : ٤ / ١٨٣ ، الناصريات : ٢٥٧ ، التّمهيد لابن عبد البر : ٢ / ١٧٢ ، الخلاف : ١ / ٥٧٢ ، ـ