يشاد الدّين أحد إلّا غلبه ، فسددوا ، وقاربوا ، وأبشروا» (١).
أمن الممكن أن نختط منهجا قادرا على أن يحدد مضمون هذا المفهوم المركب عن (الجهد النّبيل المعتدل)؟ ..
إذا كنّا نقصد بالتعريف صيغة رياضية صحيحة بصورة شاملة ، فيجب أن نطرح هذا التّعريف جانبا ، سواء نظرنا إلى الشّيء المعرف من الخارج ، أو من الدّاخل.
فلنتناوله أوّلا من الخارج.
ولا شك أنّ بوسعنا القول بعامة ، بأنّ جدلية العنصرين اللذين تتكون منهما الفكرة المراد تعريفها يجب أن تؤدي بهما إلى وضع وسط ، بين «الخمود» و«الجموح».
بيد أنّ هذا الوضع الوسط لا يمكن تخيله في صورة نقطة هندسية ، تبتعد عن الطّرفين بمسافة متساوية ، ذلك أنّ الإختلاف البالغ في الظّروف الفردية ، والّذي ينتج عن آلاف الأوضاع الّتي لا نملك السّيطرة عليها ـ يوجب على العكس أن نتمثل المقياس العام في منطقة مركزية ، تتردد هي الأخرى بين قطبين ، يميلان تارة إلى جانب ، وأخرى إلى جانب آخر ، فيحتويان بهذه الصّورة على درجات لا تنتهي.
ولكي تحدّد هذه المنطقة المركزية لن يكون لدى النّاظر سوى أن يركن إلى
__________________
(١) انظر ، صحيح البخاري : ٣ / ١٩٩. «المعرب». وانظر ، سعد السّعود لابن طاووس : ٥٢ ، صحيح ابن حبّان : ٢ / ٦٣ ح ٣٥١ ، عوالي اللئالي : ١ / ٦٩ ، سنن البيهقي الكبرى : ٣ / ١٨ ح ٤٥١٨ ، بحار الأنوار : ٧٤ / ٤٠ ، سنن النّسائي (المجتبى) : ٨ / ١٢٢ ، مسند الشّهاب : ٢ / ١٠٤ ح ٩٧٦ ، الّتمهيد لابن عبد البر : ٥ / ١٢١ ، كشف الخفاء : ٢ / ٣٧٦ ح ٢٦٤٩.