الرّخصة ، أو تلك ، بل إنّه يرجع إليه صراحة في تحديد بعض واجباتنا الأسرية ، والإجتماعية ، الّتي يتركها غير محددة من النّاحية الكمية ، مكتفيا بالقول بوجوب أدائها في صورة إنسانية وهو يحمل هذه الصّورة الإنسانية هي كلمة «المعروف» : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (١) ، (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها) (٢) ، (وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ) (٣) ، بل إنّ القرآن الكريم غالبا ما يضع أفكار الخير والشّر تحت اسم «المعروف ، والمنكر».
بيد أنّ المقياس الحقيقي للفكرة المركبة الّتي تشغلنا هنا لا يمكن تحقيقه إلّا من الدّاخل ، حيث يجب أن يترك لتقدير كلّ منا بنفسه ، وليس معنى ذلك أن يحدد كلّ منا مقياسه مرة واحدة ، بل يجب أن يتنوع هذا المقياس ليقابل في كلّ تجربة بين قيمة طاقتنا المتاحة ، وأهمية أعبائنا ، دون أن نغفل جانب التّوافق في مجموع تكاليفنا.
ولقد يحدث ـ دون شك ـ أن تقود المرء رغبة خفية في الّتملص من الواجب ، فيفيد من هذه المرونة في القاعدة العامّة ، ليطبقها على حالات مقاربة ، من نفس الطّبيعة في الظّاهر ، وفي هذه الحالة ننقذ المظاهر دون أن تكون الأخلاق قد نالت حقها بمثل هذا التّصرف.
ومن الواضح أنّه لا يمكن التّحدث عن الأخلاق إلّا بقدر ما يكون المرء صادقا
__________________
(١) البقرة : ٢٢٨.
(٢) البقرة : ٢٣٣.
(٣) البقرة : ٢٣٦.