عن أبي ثعلبة الخشني ، ورويت مرفوعة إلى النّبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها ، وحدّ حدودا فلا تعتدوها ، وحرم أشياء فلا تنتهكوها ، وسكت عن أشياء رحمة لكم ، غير نسيان ، فلا تبحثوا عنها» (١). ويذكر ابن حبّان أنّ ظروفا كهذه الظّروف كانت مناسبة لنزول قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللهُ عَنْها وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ* قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ) (٢).
هذا الأستبعاد للمبالغة ، والإفراط في (كيف؟ وكم؟) من القواعد القرآنية ـ إجراء أتّخذ صراحة ، كيما يتسنى لكلّ فرد أن يمارس طاقته العقلية ، والجسمية والخلقية ، بطريقة تختلف عن غيره. فهذا هو ما يتصل بالأخلاق العملية ، والسّمات العامة الّتي تحددها ؛ فلنمض إلى الأخلاق النّظرية :
الجانب النّظري : وهنا يفارق منهجنا أيضا المنهج العام ؛ ذلك أنّ ما يهمّ غالبية علمائنا في المقام الأوّل هو الجانب الأقتصادي ، أو الشّرعي ، ونحن بادىء ذي بدء ، نركز أهتمامنا على المجال الأخلاقي ؛ واضعين كلّ مسألة في المصطلحات الّتي تصاغ بها لدى الأخلاقيين المحدثين.
ونحن من ناحية أخرى نتخذ من القرآن ذاته نقطة إنطلاق ، بحيث كان دأبنا
__________________
(١) انظر ، سنن الدّارقطني : ٤ / ١٨٤ ، وللمؤلف هنا طرق أخرى «المعرب» ، علل الدارقطني : ٦ / ٣٢٤ ح ١١٧٠ ، الكامل في ضعفاء الرّجال : ١ / ٤٠٤ ، تفسير ابن كثير : ١ / ٢٧٨ ، المستدرك على الصّحيحين : ٤ / ١٢٩ ح ٧١١٤ ، تفسير القرطبي : ٦ / ٣٣٤ ، سنن البيهقي الكبرى : ١٠ / ١٢ ، فتح الباري : ١٣ / ٢٦٦ ، نيل الأوطار : ٨ / ٢٧٣.
(٢) المائدة ـ ١٠١ ـ ١٠٢.