(وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) (١).
(فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ) (٢).
شروط تعدد الزّوجات :
(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) (٣).
__________________
(١) المائدة : ٥.
(٢) النّساء : ٢٤.
(٣) النّساء : ٣. ومن ذلك يتضح لنا كيف حاط القرآن إباحة تعدد الزّوجات بالكثير من التّحفظات ، ومع ذلك فليس في الأمر حظر مطلق ، لأنّ مثل هذا الحظر مناقض للفطرة.
والواقع أننا نجد في كلّ زمان ومكان ـ من الرّجال من يكتفون بزوجة واحدة ، وآخرين أكثر اشتهاء للنساء بفطرتهم ، أليس منع هؤلاء من التّزوج بأخرى في ظل شروط عادلة وشرعية ـ إثارة لمشاعر الحقد على زوجاتهم ، حتّى يتمنوا لهن الموت؟
أليس هذا دفعا لهم إلى خيانة خادعة ، ومنافقة لهن؟ ومن ثمّ سوف نسمح لهم بأن يتخذوا من الإنسانيّة في شخص النّسوة الخارجات على الشّريعة ـ مجرد وسيلة ، وأداة تمتع ، لا حقّ لها في شيء ، فتصبح بإختصار من العبيد.
ومع ذلك فيبدو لنا أنّه لم يحدث أن جاءت أية أخلاق موحاة بمنع متشدد في هذا الصّدد ، بل لقد وجدنا العكس مباحا ، ومطبقا لدى كثير من القديسين ، والأنبياء ، في الكتاب المقدس.
ومن المحتمل أنّ الشّعوب الّتي ألغت (التّعدد) قد أخذت هذا التّحريم من تقليد عنصري ، أكثر منه دينيا. ولكن هل يسري هذا الإلغاء للكلمة على الواقع حقّا؟ هذا أمر مشكوك فيه ، ودعك من القول بأنّه قد ازداد انتشارا من النّاحية العملية ، وبطريقة أكثر ظلما ، وأشد انحرافا ، لدى المجتمعات الّتي تدينه ، بعكس المجتمعات الّتي تقره شرعا. ـ