بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (١١) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا
____________________________________
(بَعْدَ الْإِيمانِ) بعد أن آمن وصار شعاره واسمه «المؤمن» ثم يصبح شعاره واسمه «الفاسق» لأنه فعل ما نهى الله عنه (وَمَنْ لَمْ يَتُبْ) عن ما ارتكبه من المعصية (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) لأنفسهم حيث أنهم عصوا ثم لم يتوبوا ، أما من تاب بعد عصيانه فلا يستحق أن يسمى ظالما.
[١٣] وبعد أن نهى المسلمون من التقاتل ، نهوا عن الاستهزاء واللمز والنبز ، ومن الواضح أن كل مرتبة متأخرة أنزل من المرتبة السابقة ، ولذا جاء السياق لينهي عن الأنزال من تلك أيضا وهو سوء الظن ، فقال سبحانه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِ) أي الظن السيئ وإنما قال كثيرا لأنه لا بد وأن يوجد في الكثير من الظن السيئ الظن المحرم ، بخلاف قليل الظن فإنه بما لا يكون فيه المحرم ، بالإضافة إلى أن قليل الظن ليس تحت اختيار الإنسان فإنه حالة نفسية قد تأتي بدون الاختيار فلا يمكن النهي عنه ، أما كثير الظن فإنه تحت الاختيار إذ الكثرة لا تحصل إلا بالتتبع والانسياق وراء الإنكار ، وإنما نقول اجتنبوا كثيرا من الظن ل (إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) وقد قرر في علم أصول الفقه وجوب الاجتناب من أطراف الشبهة المحصورة فإذا كان بعض الظن إثما وجب الاجتناب من الأطراف المحتملة لذلك ، والظن السيئ إما حرام بنفسه ، وإما حرّم لأنه مقدمة للعمل المحرم ، إذ الذي يظن سوء غالبا ما يرتب الأثر العملي على ظنه السيئ (وَلا تَجَسَّسُوا) لا تبحثوا عن عورات