تمهيد
اصل الإمامة في الإسلام
يعتقد الشيعة ـ تبعا لعقيدتهم في عدل الله تعالى وحكمته ولطفه بعباده ـ أنّه قد نصب أولياء معصومين يمثّلون امتدادا طبيعيّا لخطّ الرسالة ، ويكونون أمناء على وحي الله سبحانه ، وقدوة لعباده ، وأنّ الباري عزوجل لا يترك دونها حجّة. وأنّ هؤلاء الأئمّة هم عباد الله المخلصون الّذين لم يشركوا بالله تعالى طرفة عين. ذلك أنّ الشرك ظلم بنصّ القرآن الكريم (١) ، والله عزوجل لا ينال عهده ظالما (٢). وأنّ الأئمّة في مرتبة من العلم والفضل لا يرقى إليها أحد ، فهم أصفياء الله وخالصته من خلقه. وأنّ الباري أوجب على العباد الرجوع إلى هؤلاء الأئمّة والاستنارة بنور هديهم عليهمالسلام ، وهو أمر تحتّمه ضرره رجوع الجاهل إلى العالم :
(أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)(٣).
ألا ترى كيف احتجّ إبراهيم عليهالسلام على أبيه : (يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا)(٤)؟
كما يعتقدون ـ بنصّ القرآن الكريم في آية التطهير ـ أنّ الله قد أذهب الرجس عن أهل البيت وطهّرهم عن كلّ دنس وشين ، فأضحوا معصومين بعصمة من الله عزوجل.
لا تخلو الأرض من حجّة
وقد روى المسلمون من طرق عدّة حديث : «إنّ الأرض لا تخلو من قائم لله بحجّة» (٥) ، وروي عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام «ما زالت الأرض إلّا ولله فيها الحجّة ، يعرّف الحلال والحرام ، ويدعو النّاس إلى سبيل الله» (٦) ، و «إنّ الحجّة لا تقوم لله عزوجل على خلقه إلّا بإمام حتّى يعرف» (٧) ، بل رووا عنهم عليهمالسلام : «لو لم يبق في الأرض إلّا اثنان ، لكان أحدهما الحجّة» (٨).
__________________
(١) قال تعالى : «إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ» لقمان : ١٣. (٢) يونس : ٣٥ ؛ «لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ».
(٣) البقرة : ١٢٤. (٤) مريم : ٤٣.
(٥) نقل من العامّة : ابن قتيبة في «عيون الأخبار» : ٧ ؛ وابن عبد ربّه في العقد الفريد ١ : ٢٦٥ ؛ والبيهقيّ في «المحاسن والمساوئ» : ٤٠ ؛ والخطيب البغداديّ في تاريخ بغداد ٦ : ٤٧٩ ، ترجمة إسحاق النخعيّ ؛ والخوارزميّ في «المناقب» : ١٣ ؛ والرّازيّ في «مفاتيح الغيب» ٢ : ١٩٢ (نقلا عن «المهديّ المنتظر في الفكر الإسلاميّ» : ٧٩).
(٦) اصول الكافي ١ : ١٣٦ ، ح ٣ باب «أنّ الأرض لا تخلو من حجّة».
(٧) نفس المصدر ١ : ١٣٥ ح ١ و ٢ ، باب «أنّ الحجّة لا تقوم لله على خلقه إلّا بإمام»