في قولك ، فإنّ اليهود والنصارى وكثيرا من فرق المشركين والمخالفين لدين الإسلام يؤمنون بالبعث والنشور والحساب والثواب والعقاب ، فلم يكن الله تبارك وتعالى ليمدح المؤمنين بمدحة قد شركهم فيها فرق الكفر والجحود ، بل وصفهم الله عزوجل ومدحهم بما هو لهم خاصّة ، لم يشركهم فيه أحد غيرهم.
وجوب معرفة المهديّ عليهالسلام
ولا يكون الإيمان صحيحا من مؤمن إلّا من بعد علمه بحال من يؤمن به ، كما قال الله تبارك وتعالى (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)(١) فلم يوجب لهم صحّة ما يشهدون به إلّا من بعد علمهم ، ثمّ كذلك لن ينفع إيمان من آمن بالمهديّ القائم عليهالسلام حتّى يكون عارفا بشأنه في حال غيبته ، وذلك انّ الائمة : قد أخبروا بغيبته ، ووصفوا كونها لشيعتهم فيما نقل عنهم واستحفظ في الصحف ، ودوّن في الكتب المؤلّفة من قبل أن تقع الغيبة بمائتي سنة أو أقل أو أكثر ، فليس أحد من أتباع الائمّة عليهمالسلام إلّا وقد ذكر ذلك في كثير من كتبه ورواياته ، ودوّنه في مصنفاته. وهي الكتب الّتي تعرف بالأصول مدوّنة عند شيعة آل محمّد عليهمالسلام من قبل الغيبة بما ذكرنا من السنين ، وقد أخرجت ما حضرني من الأخبار المسندة في الغيبة في هذا الكتاب في مواضعها ، فلا يخلو حال هؤلاء الأتباع المؤلّفين للكتب أن يكونوا علموا الغيب بما وقع الآن من الغيبة ، فألّفوا ذلك في كتبهم ودوّنوه في مصنّفاتهم من قبل كونها ، وهذا محال عند أهل اللبّ والتحصيل ، أو أن يكونوا قد أسّسوا في كتبهم الكذب ، فاتّفق الأمر لهم كما ذكروا ، وتحقّق كما وضعوا من كذبه بهم على بعد ديارهم واختلاف آرائهم وتباين أقطارهم ومحالهم ، وهذا أيضا محال كسبيل الوجه الأول ، فلم يبق في ذلك إلّا أنّهم حفظوا عن أئمّتهم المستحفظين للوصيّة ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله من ذكر الغيبة وصفة كونها في مقام بعد مقام إلى آخر المقامات ما دوّنوه في كتبهم وألّفوه في أصولهم ، وبذلك وشبهه فلج الحقّ وزهق الباطل ، إنّ الباطل كان زهوقا.
وإنّ خصومنا ومخالفينا من أهل الأهواء المضلّة قصدوا لدفع الحقّ وعناده بما وقع
__________________
(١) الزخرف : ٨٦.