القوم ، فأنشأ جابر يحدّث ، قال : بينما رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات يوم في المسجد وقد حفّ من حوله ، إذ قال لي : يا جابر ادع لي حسنا وحسينا ، وكان شديد الكلف بهما ، فانطلقت فدعوتهما وأقبلت أحمل هذا مرّة وهذا أخرى حتّى جئته بهما ، فقال لي وأنا اعرف السرور في وجهه لمّا رأى من محبّتي لهما وتكريمي إيّاهما : أتحبّهما يا جابر؟
فقلت : وما يمنعني من ذلك فداك أبي وأمّي وأنا أعرف مكانهما منك؟
قال : أفلا أخبرك عن فضلهما؟
قلت : بلى بأبي أنت وأمّي.
قال : إنّ الله تعالى لمّا أحب أن يخلقني ، خلقني نطفة بيضاء فأودعها صلب أبي آدم عليهالسلام ، فلم يزل ينقلها من صلب طاهر إلى رحم طاهر ، إلى نوح وإبراهيم عليهمالسلام ، ثمّ كذلك إلى عبد المطّلب ، فلم يصبني من دنس الجاهليّة ، ثمّ افترقت تلك النطفة شطرين إلى عبد الله وأبي طالب ، فولدني أبي فختم الله بي النبوّة ، (وولد أبو طالب عليّا) فختمت به الوصيّة ، ثمّ اجتمعت النطفتان منّي ومن عليّ ، فولدتا الجهر والجهير الحسنان ، فختم بهما أسباط النبوّة وجعل ذرّيّتي منهما ، وأمرني بفتح مدينة ـ أو قال مدائن ـ الكفر. ومن ذرّيّة هذا ـ وأشار إلى الحسين عليهالسلام ـ رجل يخرج في آخر الزمان يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا ، فهما طاهران مطهّران ، وهما سيّدا شباب أهل الجنة ، طوبى لمن أحبّهما وأباهما وأمّهما ، وويل لمن حاربهم وأبغضهم (١).
٣٨٠ ـ روى النعمانيّ بإسناده عن أبي بصير ، عن كامل ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إنّ قائمنا إذا قام ، دعا الناس إلى امر جديد ، كما دعا إليه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وإنّ الإسلام بدأ غريبا ، وسيعود غريبا كما بدأ ، فطوبى للغرباء (٢).
كلام للشيخ الصدوق في معنى الحديث
قال الشيخ الصدوق رحمهالله : حال النبيّ صلىاللهعليهوآله قبل النبوّة حال قائمنا وصاحب زماننا عليهالسلام في
__________________
(١) أمالي الطوسيّ ٢ / ١١٣ ـ ١١٤ ؛ بحار الأنوار ٢٢ / ١١٠ ـ ١١٢.
(٢) الغيبة للنعمانيّ ٣٢٠ ح ١ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ٣٦٦.