«بسم الله الرحمن الرحيم ـ يا عليّ بن محمّد السمريّ أعظم الله أجر اخوانك فيك ، فإنّك ميّت ما بينك وبين ستّة أيّام ، فأجمع أمرك ، ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامّة فلا ظهور إلّا بعد إذن الله تعالى ذكره ، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جورا ، وسيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة ، ألا فمن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفيانيّ والصيحة فهو كذّاب مفتر ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم».
قال : فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده ، فلمّا كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه ، فقيل له : من وصيّك من بعدك؟ فقال : لله أمر هو بالغه ، وقضى ، فهذا آخر كلام سمع منه رضي الله عنه وأرضاه (١).
٦٩٥ ـ وكتب محمّد بن زياد الصيمريّ يسأل صاحب الزمان كفنا ، فورد : «إنّه يحتاج إليه سنة ثمانين أو إحدى وثمانين» فمات رحمهالله في الوقت الّذي حدّه وبعث إليه بالكفن قبل موته بشهر (٢).
٦٩٦ ـ روى المفيد والغضائريّ ، عن محمّد بن أحمد الصفوانيّ ، قال :
رأيت القاسم بن العلاء وقد عمّر مائة سنة وسبع عشرة سنة ، منها ثمانين سنة صحيح العينين ، لقي مولانا أبا الحسن وأبا محمّد العسكريّين عليهماالسلام ، وحجب بعد الثمانين وردّت عليه عيناه قبل وفاته بسبعة أيّام ، وذلك أنّي كنت مقيما عنده بمدينة الران من أرض آذربيجان وكان لا ينقطع توقيعات مولانا صاحب الزمان عليهالسلام على يد أبي جعفر محمّد بن عثمان العمريّ وبعده على يد أبي القاسم الحسين بن روح قدّس الله أرواحهما ، فانقطعت عنه المكاتبة نحوا من شهرين فقلق رحمهالله لذلك.
فبينا نحن عنده نأكل ، إذ دخل البوّاب مستبشرا فقال له : فيج العراق ـ لا يسمّى بغيره ـ فاستبشر القاسم وحوّل وجهه إلى القبلة فسجد ، ودخل كهل قصير يرى أثر الفيوج عليه ، وعليه جبّة مضرّبة ، وفي رجله نعل محامليّ ، وعلى كتفه مخلاة.
فقام القاسم فعانقه ووضع المخلاة عن عنقه ، ودعا بطست وماء فغسّل يده وأجلسه
__________________
(١) كمال الدّين ٢ / ٥١٦ ح ٤٤.
(٢) كمال الدّين ٢ / ٥٠١ ح ٢٦.