عظيم منزلتهم عند الله تعالى ذكره ، فعلموا أنّهم أحقّ بأن يكونوا خلفاء الله في أرضه وحججه على بريته ، ثمّ غيّبهم عن أبصارهم واستعبدهم بولايتهم ومحبّتهم وقال لهم : (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ). وحدّثنا بذلك أحمد بن الحسن القطّان بإسناد يرفعه عن الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام.
وهذا استعباد الله عزوجل للملائكة بالغيبة ، والآية أوّلها في قصّة الخليفة ، وإذا كان آخرها مثلها ، كان للكلام نظم ، وفي النظم حجّة ، ومنه يؤخذ وجه الإجماع لأمّة محمّد صلىاللهعليهوآله أوّلهم وآخرهم ، وذلك أنّه سبحانه وتعالى إذا علّم آدم الاسماء كلّها على ما قاله المخالفون ، فلا محالة أنّ أسماء الأئمّة عليهمالسلام داخلة في تلك الجملة ، فصار ما قلناه في ذلك بإجماع الامّة ، ومن أصحّ الدليل عليه أنّه لا محالة لما دلّ الملائكة على السجود لآدم ، فأنّه حصل لهم عبادة ، فلمّا حصل لهم عبادة ، أوجب باب الحكمة أن يحصل لهم ما هو في حيّزه ، سواء كان في وقت أو في غير وقت ، فإنّ الاوقات ما تغيّر الحكمة ولا تبدّل الحجّة ، أوّلها كآخرها وآخرها كأوّلها ، ولا يجوز في حكمة الله أن يحرمهم معنى من معاني المثوبة ، ولا أن يبخل بفضل من فضائل الأئمّة ، لأنّهم كلّهم شرع واحد ، دليل ذلك أنّ الرسل متى آمن مؤمن بواحد منهم أو بجماعة ، وأنكروا واحدا منهم ، لم يقبل منه إيمانه ، كذلك القضية في الأئمّة عليهمالسلام أوّلهم وآخرهم واحد.
وقد قال الصادق عليهالسلام : «المنكر لآخرنا كالمنكر لأوّلنا» وقال عليهالسلام : «من أنكر واحدا من الأحياء فقد أنكر الأموات» ؛ وسأخرج ذلك في الكتاب مسندا في موضعه إن شاء الله.
فصحّ أنّ قوله عزوجل : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) أراد به أسماء الأئمّة عليهمالسلام. وللأسماء معان كثيرة ، وليس أحد معانيها بأولى من الآخر ، وللأسماء أوصاف ، وليس أحد الأوصاف بأولى من الآخر ، فمعنى الأسماء أنّه سبحانه علّم آدم عليهالسلام أوصاف الأئمّة كلّها ، أوّلها وآخرها ، ومن أوصافهم العلم والحلم والتقوى والشجاعة والعصمة والسخاء والوفاء.
وقد نطق بمثله كتاب الله عزوجل في أسماء الأنبياء : كقوله عزوجل : (وَاذْكُرْ فِي