أوساطها للتجارة ، وتحجّ فقراؤها للرياء والسمعة ، فعندها يكون أقوام يتعلّمون القرآن لغير الله ، فيتّخذونه مزامير ، ويكون أقوام يتفقّهون لغير الله ، وتكثر أولاد الزنا ، يتغنّون بالقرآن ويتهافتون بالدنيا.
قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟
قال : اي والّذي نفسي بيده يا سلمان ، ذلك إذا انتهكت المحارم واكتسبت المآثم ، وتسلّط الأشرار على الأخيار ، ويفشو الكذب ، وتظهر اللجاجة ، ويغشي العاقل (وفي نسخة : ويفشو الفاقة) ويتباهون في اللباس ، ويمطرون في غير أوان المطر ، ويستحسنون الكوبة والمعازف ، وينكرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، حتّى يكون المؤمن في ذلك الزمان أذلّ من الامّة ، ويظهر قرّائهم وعبّادهم فيما بينهم التلاوم ، فاولئك يدعون في ملكوت السماوات الأرجاس الأنجاس.
قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟
قال : اي والّذي نفسي بيده يا سلمان ، فعندها لا يخشى الغنيّ إلّا الفقر ، حتّى إنّ السائل يسأل فيما بين الجمعتين لا يصيب أحدا يضع في كفّه شيئا.
قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟
قال : اي والّذي نفسي بيده يا سلمان ، وعندها يتكلّم الرويبضة.
قال سلمان : وما الرويبضة يا رسول الله؟ فداك أبي وامّي.
قال : يتكلّم في أمر العامة من لم يكن يتكلّم ، فلم يلبثوا إلّا قليلا حتّى تخور الأرض ، فلا يظنّ كلّ قوم إلّا أنّها خارت في ناحيتهم ، فيمكثون ما شاء الله ، ثمّ يمكثون في مكثهم فتلقي لهم الأرض أفلاذ كبدها ، قال : ذهب وفضّة ، ثمّ أومى بيده إلى الأساطين فقال : مثل هذا ، فيومئذ لا ينفع ذهب ولا فضّة ، وهذا معنى قوله : (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها)(١).
٨٦١ ـ روى النعمانيّ بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال : إذا رأيتم نارا من المشرق شبه الهردي (٢) العظيم تطلع ثلاثة أيّام أو سبعة أيّام فتوقّعوا فرج آل محمّد عليهمالسلام
__________________
(١) تفسير القمّيّ ٢ / ٣٠٢ ـ ٣٠٧ ؛ تفسير البرهان ٤ / ١٨٣ ح ١.
(٢) الهرديّ : المصبوغ بالهرد وهو الكركم الأصفر وطين أحمر ؛ يعني نارا تشبه الهرديّ من حيث لونها الأصفر أو الأحمر.