المقدّمة
الاعتقاد بالمهديّ المنتظر عليهالسلام
يمثّل الاعتقاد بالمهديّ المنتظر أحد الأمور الّتي آمن بها المسلمون على اختلاف مذاهبهم وفرقهم ، وفقا للبشارة الّتي تناقلتها أجيالهم الواحد تلو الآخر عن نبيّهم الكريم صلىاللهعليهوآله بمجيء رجل من ولد فاطمة عليهاالسلام ، اسمه اسم رسول الله ، وكنيته ككنيته صلىاللهعليهوآله ، يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا ؛ وبنزول عيسى عليهالسلام وصلاته خلف المهديّ عليهالسلام ومساعدته إيّاه في تنفيذ رسالته في قتل الدجّال وإرساء أسس العدل. وقد نقل علماء العامّة والخاصّة ومنذ بداية القرن الثالث الهجريّ ، أحاديث المهديّ في مؤلّفاتهم وموسوعاتهم الحديثيّة ، وتعدّى البعض ذلك إلى تأليف مؤلّفات خاصّة في المهديّ المنتظر ، وصرّح كثير منهم بوجوب قتل من أنكر ظهور المهديّ ، استنادا إلى ما روي عن النّبيّ صلىاللهعليهوآله من كفر من أنكر المهديّ ، وكفر من كذّب به (١).
ويشترك المسيحيّون مع المسلمين في الإيمان بفكرة المهديّ المنتظر من خلال اعتقادهم بنزول عيسى عليهالسلام ، وهو أمر متسالم بينهم ، لا يختلف فيه اثنان منهم. بل يشترك مع المسلمين في الإيمان بظهور مصلح عالميّ أهل الأديان والشعوب الأخرى على اختلاف أفكارهم وآرائهم ، وإن اختلفوا معهم في مصداق ذلكم المصلح العالميّ.
القرآن الكريم والاعتقاد بالمهديّ المنتظر عليهالسلام
ويمكن لمن يستقرئ القرآن الكريم أن يعثر على مجموعة كبيرة من الآيات القرآنيّة
__________________
(١) عقد الدرر ٢٠٩ ، ٩ ؛ العرف الورديّ للسيوطيّ ٢ : ٨٣ ؛ فرائد السمطين ٢ : ٣٣٤ ، ح ٥٨٥. وقد نقل الفريقان أحاديث الإمام المهديّ عليهالسلام ، فوردت أحاديثه في الموسوعات الحديثيّة للعامّة ، وتناقلتها من العامّة كتب الصحاح والمصنّفات الحديثيّة الضخمة ، بل أفرد لها بعض علمائهم مؤلّفات مستقلّة ، أو عقدوا له أبوابا ضمن مؤلّفاتهم ، ابتداء من عبد الرزّاق الصنعانيّ (ت ٢٣٥ ه) في مصنّفه ، ومرورا بابن سعد (ت ٢٣٠ ه) في طبقاته ، وابن أبي شيبة (ت ٢٣٥ ه) في مصنّفه ، وأحمد بن حنبل (ت ٢٤١ ه) في مسنده ، والبخاريّ (ت ٢٥٦ ه) في صحيحه وتاريخه الكبير ، ومسلم (ت ٢٦١ ه) في صحيحه ، وابن ماجة (ت ٢٧٣ ه) في سننه ، وأبي داود (ت ٢٧٥ ه) في سننه ، والترمذي (ت ٢٧٩ ه) في سننه ، ونعيم بن حمّاد (ت ٣٢٨ ه) في الفتن ، والطبرانيّ (ت ٣٦٠ ه) في معاجمه الثلاثة ، والحاكم النيسابوريّ (ت ٤٠٥ ه) في مستدركه ، وأبي نعيم الأصفهانيّ (ت ٤٣٠ ه) في تاريخ اصفهان والأربعون حديثا في المهديّ وأبي عمرو الداني (ت ٤٤٤ ه) في سنته ، والديلميّ (ت ٥٠٩ ه) في الفردوس ... وكثيرين غيرهم ممّا لا يتّسع المجال لذكرهم.