قصة لوط عليهالسلام
ومما وقع في حياة إبراهيم الخليل من الأمور العظيمة : قصة قوم لوط عليهالسلام ، وما حل بهم من النقمة العميمة.
وذلك أن لوطا بن هارون بن تارح ـ وهو آزر كما تقدم ـ ولوط ابن أخي إبراهيم الخليل فإبراهيم وهاران وناحور إخوة كما قدمنا ، ويقال إن هاران هذا هو الذي بنى حران وهذا ضعيف لمخالفته ما بأيدي أهل الكتاب والله تعالى أعلم.
وكان لوط قد تزوج من محلة عمه الخليل عليهماالسلام بأمره له وإذنه ، فنزل بمدينة سدوم من أرض غور زغر (١) ، وكان أم تلك المحلة ولها أرض ومعتملات وقرى مضافة إليها. ولها أهل من أفجر الناس وأكفرهم وأسوئهم طوية ، وأردئهم سريرة وسيرة ، يقطعون السبيل ويأتون في ناديهم المنكر ، ولا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون.
ابتدعوا فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من بني آدم ، وهي إتيان الذكران من العالمين ، وترك ما خلق الله من النسوان لعباده الصالحين.
فدعاهم لوط إلى عبادة الله تعالى وحده لا شريك له ، ونهاهم عن تعاطي هذه المحرمات والفواحش والمنكرات ، والأفاعيل المستقبحات فتمادوا على ضلالهم وطغيانهم ، واستمروا على فجورهم وكفرانهم ، فأحل الله بهم من البأس الذي لا يرد ما لم يكن في خلدهم وحسبانهم ، وجعلهم مثلة في العالمين ، وعبرة يتعظ بها الألباء من العالمين.
ولهذا ذكر الله تعالى قصتهم في غير ما موضع في كتابه المبين.
قال تعالى : (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ* إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ* وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ* فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ* وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ)
[٧ / الأعراف : ٨٠ ـ ٨٤]
__________________
(١) و : أرض عزعز.