باب ذكر جماعة من أنبياء بني إسرائيل
عليهمالسلام
ممن لا يعلم وقت زمانهم على التعيين
إلا أنهم بعد داود وقبل زكريا ويحيى عليهمالسلام
فمنهم شعيا بن أمصيا. قال محمد بن إسحاق : وكان قبل زكريا ويحيى وهو ممن بشر بعيسى ومحمد عليهماالسلام. وكان في زمانه ملك اسمه حزقيا على بني إسرائيل ببلاد بيت المقدس ، وكان سامعا مطيعا لشعيا فيما يأمره به وينهاه عنه من المصالح ، وكانت الأحداث قد عظمت في بني إسرائيل ، فمرض الملك وخرجت في رجله قرحة ، وقصد بيت المقدس ملك بابل في ذلك الزمان وهو سنحاريب. قال ابن إسحاق : في ستمائة الف راية.
وفزع الناس فزعا عظيما شديدا. وقال الملك للنبي شعيا : ماذا أوحى الله إليك في أمر سنحاريب وجنوده؟ فقال : لم يوح إليّ فيهم شيء بعد ، ثم نزل عليه الوحي بالأمر للملك حزقيا بأن يوصي ويستخلف على ملكه من يشاء ، فإنه قد اقترب أجله. فلما أخبره بذلك أقبل الملك على القبلة فصلى وسبح ودعا وبكى فقال وهو يبكي ويتضرع إلى الله عزوجل بقلب مخلص وتوكل وصبر : اللهم رب الأرباب وإله الآلهة يا رحمن يا رحيم ، يا من لا تأخذه سنة ولا نوم اذكرني بعملي وفعلي وحسن قضائي على بني إسرائيل وذلك كله كان منك فأنت أعلم به من نفسي سري وإعلاني لك.
قال فاستجاب الله له ورحمه وأوحى الله إلى شعيا أن يبشره بأنه قد رحم بكاءه وقد أخر في أجله خمس عشرة سنة وأنجاه من عدوه سنحاريب ، فلما قال له ذلك ذهب منه الوجع وانقطع عنه الشر والحزن وخر ساجدا وقال في سجوده : «اللهم أنت الذي تعطي الملك من تشاء وتنزعه ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء ، عالم الغيب والشهادة ، فأنت الأول والآخر والظاهر والباطن وأنت ترحم وتستجيب دعوة المضطرين.
فلما رفع رأسه أوحى الله إلى شعيا أن يأمره أن يأخذ ماء التين فيجعله على قرحته فيشفى ويصبح قد برىء. ففعل ذلك فشفي.
وأرسل الله على جيش سنحاريب الموت فأصبحوا وقد هلكوا كلهم سوى سنحاريب وخمسة من