ورواه ابن أبي حاتم عند تفسيرها. وعنده فقال لذلك الملك : سل لي ملك الموت كم بقي من عمري؟ فسأله وهو معه : كم بقي من عمره؟ فقال : لا أدري حتى أنظر ، فنظر فقال : إنك لتسألني عن رجل ما بقي من عمره إلى طرفة عين ، فنظر الملك إلى تحت جناحه إلى إدريس فإذا هو قد قبض وهو لا يشعر.
وهذا من الإسرائيليات ، وفي بعضه نكارة.
وقول ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : (وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا) قال : إدريس رفع ولم يمت كما رفع عيسى. إن أراد أنه لم يمت إلى الآن ففي هذا نظر ، وإن أراد أنه رفع حيا إلى السماء ثم قبض هناك. فلا ينافي ما تقدم من كعب الأحبار. والله أعلم.
وقال العوفي عن ابن عباس في قوله : (وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا) : رفع إلى السماء السادسة فمات بها ، وهكذا قال الضحاك. والحديث المتفق عليه من أنه في السماء الرابعة أصح ، وهو قول مجاهد وغير واحد. وقال الحسن البصري : (وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا) قال : إلى الجنة ، وقال قائلون : رفع في حياة أبيه يرد بن مهلاييل والله أعلم. وقد زعم بعضهم أن إدريس لم يكن قبل نوح بل في زمان بني إسرائيل.
قال البخاري : ويذكر عن ابن مسعود وابن عباس أن إلياس هو إدريس ، واستأنسوا في ذلك بما جاء في حديث الزهري عن أنس في الإسراء : أنه لما مر به عليهالسلام قال له : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، ولم يقل كما قال آدم وإبراهيم : مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح.
قالوا : فلو كان في عمود نسبه لقال كما قالا (١) له (٢)
وهذا لا يدل ولا بد ، لأنه قد يكون الراوي حفظه جيدا ، أو لعله قاله على سبيل الهضم والتواضع ، ولم ينتصب له في مقام الأبوة كما انتصب لآدم أبي البشر ، وإبراهيم الذي هو خليل الرحمن وأكبر أولي العزم بعد محمد صلوات الله عليهم أجمعين.
__________________
(١) في م : قال.
(٢) الحديث رواه ابن عساكر في تاريخه (١ / ٣٨٢ / تهذيب). وقد سبق تخريجه في ذكر قصة ابن آدم.