الوصية هاهنا بمعنى الأمر ، فانه سبحانه جعل الميراث بين الورثة مستحقا بوجهين :
١ ـ الفرض ٢ ـ التعصيب ، والتعصيب أقوى من الفرض لأن العصبة قد تستغرق جميع المال أما أكثر الفروض فلا يزيد على الثلثين ، ثم إن القسمة تبدأ بأصحاب الفروض وهم أضعف استحقاقا ، ثم العصبة وهم أقوى استحقاقا. قال صلىاللهعليهوسلم :
«ما أبقت الفرائض فلأولى عصبة ذكر» (١) كذلك أبدا سنته ، كما فى قوله تعالى :
(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) أعطاهم الكتاب بلفظ الميراث ثم قدّم الظالم على السابق ، وهو أضعف استحقاقا إظهارا للكرم مع الظالم لأنه منكسر القلب ولا يحتمل وقته طول المدافعة.
وقوله (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ). لو كان الأمر بالقياس لكانت الأنثى بالتفضيل أولى لضعفها ، ولعجزها عن الحراك ، ولكنّ حكمه ـ سبحانه ـ غير معلّل (٢).
قوله جل ذكره : (آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً).
الأبناء ينفعونكم بالخدمة ، والآباء بالرحمة ؛ الآباء فى حال ضعفك فى بداية عمرك ، والأبناء فى حال ضعفك فى نهاية عمرك.
قوله جل ذكره : (وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ
__________________
(١) صحيح البخاري ج ٨ ص ٢٦٩ «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر»
(٢) تحتاج هذه العبارة إلى بعض توضيح. وربما كان أفضل تحديد لها ما يذكره ذو النون المصري : «علة كل شىء صنعه ، ولا علة لصنعه» ثم ما يوضحه أبو نصر السراج فى اللمع حيث يقول : «معنى هذا القول ـ والله أعلم ـ أن وجود النقصان فى كل شىء مصنوع كائن ، لأنه لم يكن فكان ، وليس فى صنع الصانع لمصنوعاته علة ، وقال بعضهم :
يا شقامى من السّقا |
|
م وإن كنت علّتى (اللمع ص ٤٤٠) |