رضوا بمتابعة فرعون ، فاستحقوا ما استحقه. لم يشعروا بخطئهم ، وكانوا يحسبون أنهم يحسنون صنعا. وإذا ما أوردهم النار فهو إمامهم ، وسيعلمون ما أصابهم من الخسران حين لا ينفع تضرعهم وبكاؤهم ولا ينقطع عذابهم وعناؤهم ، وتغلب خسارتهم وشقاؤهم ـ وذلك جزاء من كفر بمعبوده ، وأسرف فى مجاوزة حدوده.
قوله جل ذكره : (وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (٩٩))
بعدوا فى عاجلهم من الإيمان ، وفى آجلهم من الغفران والجنان. والذي لهم فى الحال من الفرقة أعظم ـ فى التحقيق ـ من الذي لهم فى المآل من الحرقة ، وهذه صفة من امتحنه الله باللعنة.
قوله جل ذكره : (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ (١٠٠))
لم يكن فى جملة من قصّ عليه من الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ من أكثر منه تبجيلا ، ولا فيمن ذكره من الأمم أعظم من أمته تفضيلا ، فكما تقدّم على الأنبياء ـ عليهمالسلام تقدّمت أمته على الأمم ، قال تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) (١)
قوله جل ذكره : (وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (١٠١))
لا يجوز الظلم فى وصفه ؛ فتصرّفه فى ملكه بحقّ إلهيته ـ مطلق ؛ يحكم بحسب إرادته ومشيئته ، ولا يتوجه حقّ عليه ، فكيف يجوز الظلم فى وصفه؟
ويقال هذا الخطاب لو كان من مخلوق مع مخلوق لأشبه العذر ، ولكن فى صفته لا يجوز العذر إذ الخلق خلقه ، والملك ملكه ، والحكم حكمه.
__________________
(١) الآية ١١٠ سورة آل عمران.