قوله جل ذكره : (إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٨))
عرّفوا على ما ستروه من الحسد ، ولم يحتالوا فى إخراج ذلك من قلوبهم بالوقيعة فى أبيهم حتى قالوا : (إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ).
ويقال لمّا اعترضوا بقلوبهم على أبيهم فى تقديم يوسف فى المحبة عاقبهم بأن أمهلهم (١) حتى بسطوا فى أبيهم لسان الوقيعة فوصفوه بلفظ الضلال ، وإن كان المراد منه الذهاب فى حديث يوسف عليهالسلام. ولمّا حسدوا يوسف على تقديم أبيهم له لم يرض ـ سبحانه ـ حتى أقامهم بين يدى يوسف عليهالسلام ، وخرّوا له سجّدا ليعلموا أنّ الحسود لا يسود.
ويقال أطول الناس حزنا من لاقّى الناس عن مرارة ، وأراد تأخير من قدّمه الله أو تقديم من أخّره الله ؛ فإخوة يوسف ـ عليهالسلام ـ أرادوا أن يجعلوه فى أسفل الجبّ فرفعه الله فوق السرير!
قوله جل ذكره : (اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ)
أي يخلص لكم إقبال أبيكم عليكم ، وقديما قيل : من طلب الكلّ فاته الكلّ ؛ فلمّا أرادوا أن يكون إقبال يعقوب ـ عليهالسلام ـ بالكليّة ـ عليهم قال تعالى : (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ).
ويقال كان قصّدهم ألا يكون يوسف أمام عينه فقالوا : إمّا القتل وإمّا النّفى ، ولا بأس بما يكون بعد ألا يكون يوسف عليهالسلام.
قوله جل ذكره : (وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ)
عجّلوا بالحرام ، وعلّقوا التوبة بالتسويف والعزم ، فلم يمح ما أجّلوا من التوبة ما عجّلوا من الحوبة.
__________________
(١) وردت (أهملهم) وهى خطأ في النسخ لأن الله لا يهمل ولكن يمهل ، والسياق يقتضى (الإمهال).