قوله جل ذكره : (قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ (١٤))
لحق إخوة يوسف عليهالسلام ما وصفوا به أنفسهم من الخسران حيث قالوا :
(إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ) : لأنّ من باع أخا مثل يوسف بمثل ذلك الثمن حقيق بأن يقال قد خسرت صفقته.
ويقال لمّا عدوّا القوة فى أنفسهم حين قالوا : (وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) خذلوا حتى فعلوا (١).
ويقال لمّا ركن يعقوب ـ عليهالسلام ـ إلى قولهم : (وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) لقى ما لقى.
قوله جل ذكره : (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٥))
الجواب فيه مقدّر ؛ ومعناه فلما ذهبوا بيوسف وعزموا على أن يلقوه فى البئر فعلوا ما عزموا عليه. أو فلمّا ذهبوا به وألقوه فى غيابة الجبّ أوحينا إليه ؛ فتكون الواو صلة. والإشارة فيه أنه لمّا حلّت به البلوى عجّلنا له التعريف بما ذكرنا من البشرى ؛ ليكون محمولا بالتعريف فما هو متحمّل له من البلاء العنيف.
ويقال حين انقطعت على يوسف عليهالسلام مراعاة أبيه حصل له الوحى من قبل مولاه ، وكذا سنّته تعالى أنه لا يفتح على نفوس أوليائه بابا من البلاء إلا فتح على قلوبهم أبواب الصفاء ، وفنون لطائف الولاء.
قوله جل ذكره : (وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ (١٦))
تمكين الكذّاب من البكاء سمة خذلان الله تعالى إياه ، وفى الخبر : إذا كمل نفاق المرء ملك عينه حتى يبكى ما شاء.
ويقال : لا يبعد أن يقال إنهم وإن جنوا على يوسف عليهالسلام فقد ندموا على ما فعلوا ، فعلاهم البكاء لندمهم ـ وإن لم يظهروا لأبيهم ـ وتقوّلوا على الذّئب.
قوله جل ذكره : (وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ)
__________________
(١) فقد كانت من دعاوى النفس.