ويقال أصابهم ـ فى الحال ـ من الخجلة ما قام مقام كلّ عقوبة ، ولهذا قيل :
كفى للمقصّر الحياء يوم اللقاء.
قوله جل ذكره : (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (٩٣))
البلاء إذا هجم هجم مرّة ، وإذا زال زال بالتدريج ؛ حلّ البلاء بيعقوب مرة واحدة حيث قالوا : (فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ) ولما زال البلاء .. فأولّا وجد ريح يوسف عليهالسلام ، ثم قميص يوسف ، ثم يوم الوصول بين يدى يوسف ، ثم رؤية يوسف.
ويقال لمّا كان سبب البلاء ، والعمى قميص يوسف أراد الله أن يكون به سبب الخلاص من البلاء (١).
ويقال علم أن يعقوب عليهالسلام ـ لما يلحقه من فرط السرور ـ لا يطيقه عند أخذ القميص فقال : (فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي).
ويقال القميص لا يصلح إلا للباس إلا قميص الأحباب فإنه لا يصلح إلا لوجدان ريح الأحباب.
ويقال كان العمى فى العين فأمر بإلقاء القميص على الوجه ليجد الشفاء من العمى.
ويقال لمّا كان البكاء بالعين التي فى الوجه كان الشفاء فى الإلقاء على العين التي فى الوجه ، وفى معناه أنشدوا :
وما بات مطويا على أريحبة |
|
عقيب النوى إلا فتىّ ظلّ مغرما |
وقوله (وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ) : لما علم حزن جميع الأهل عليه أراد أن يشترك فى الفرح جميع من أصابهم الحزن.
__________________
(١) ويضاف إلى ذلك أن عدم تمزق قميص يوسف كان دلالة على براءة الذئب ، وأن تمزقه من دبر كان دلالة على براءة يوسف من تهمة زليخا ، وبهذا وذاك يمكن أن يكون قميص يوسف رمزا لموحيات كثيرة فى القصة.