الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ (٣١))
جعل الله راحة العبد ـ اليوم ـ بكمالها فى الصلاة ؛ فإنّها محلّ المناجاة ، قال الرسول صلىاللهعليهوسلم : «أرحنا يا بلال بالصلاة» (١) والصلاة استفتاح باب الرزق ، قال تعالى : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ ، وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً) (٢)
وفى الصلاة يبث (٣) العبد أسراره مع الحق ؛ فإذا كان لقاء الإخوان ـ كما قالوا ـ مسلاة لهم فكيف بمناجاتك مع الله ، ونشر قصتك بين يديه؟ كما قيل :
قل لى بألسنة التنفّس |
|
كيف أنت وكيف حالك؟ |
(وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ) : أمرهم بإنفاق اللسان على ذكره ، وإنفاق البدن على طاعته ، والوقت (٤) على شكره ، والقلب على عرفانه ، والروح على حبه ، والسّرّ على مشاهدته .. ولا يكلّف الله نفسا إلا ما آتاها ، وإنما يطالب بأن تحضر إلى الباب ، وتقف على البساط بالشاهد الذي آتاك ... يقول العبد المسكين : لو كان لى نفس أطوع من هذه لأتيت بها ، ولو كان لى قلب أشدّ وفاء من هذا لجدت به ، وكذلك بروحى وسرّى ، وقيل:
يفديك بالروح صبّ لو انّ له |
|
أعز من روحه شيئا فداك به |
(مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ) : وفى هذا المعنى أنشدوا :
قلت للنّفس إن أردت رجوعا |
|
فارجعى قبل أن يسدّ الطريق |
قوله جل ذكره : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ
__________________
(١) سبق تخريج هذا الحديث الشريف.
(٢) آية ١٣٢ سورة طه.
(٣) وردت (يثبت) والمعنى يقتضى (يبث).
(٤) وردت (الوقف) وهى ـ كما هو واضح ـ خطأ فى النسخ.