فى الدنيا عاجل بلائهم ، وبين أيديهم آجله. وحسرة (١) المفلس تتضاعف إذا ما حوسب ، وشاهد حاصله.
(قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ..) : يسمع الكافرين قول المؤمنين ، ويبيّن للكافة صدقهم. ويقع الندم على جاهلهم (٢). وأما اليوم فعليهم بالصبر والتحمّل ، وعن قريب ينكشف الغطاء ، وأنشد بعضهم :
خليلىّ لو دارت على رأسى الرّحى |
|
من الذّلّ لم أجزع ولم أتكلّم |
وأطرقت حتى قيل لا أعرف الجفا |
|
ولكننى أفصحت يوم التكلّم |
قوله جل ذكره : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨) فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٢٩))
(ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) : بارتكاب المعاصي وهم الكفار.
(فَأَلْقَوُا السَّلَمَ) : انقادوا واستسلموا لحكم الله.
(ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ) : جحدوا وأنكروا ما عملوا من المخالفات.
(بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) : هكذا قالت لهم الملائكة ، ثم يقولون لهم : (فَادْخُلُوا أَبْوابَ ..) : وكذلك الذين تقسو نفوسهم بإعراضهم عن الطاعات إذا نزلت بهم الوفاة يأخذون فى الجزع وفى التضرع ، ثم لا تطيب نفوسهم بأن يقرّوا بتفاصيل أعمالهم عند الناس ، فيما يتعلق بإرضاء خصومهم لما أخلّوا من معاملاتهم ، ثم الله يؤاخذهم بالكبير والصغير ، والنقير والقطمير ، ثم يبقون أبدا فى وبال ما أحقبوه ، لأن شؤم ذلك يلحقهم فى أخراهم.
__________________
(١) وودت (مرة) بالميم (وهى خطأ فى النسخ كما هو واضح.
(٢) وردت (جاهدهم) بالدال. وربما كانت فى الأصل (جاحدهم) ، فالجهل والجحد من صفات الكافرين.