قوله جل ذكره : (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ (٣٠))
أما المسلمون فإذا وردوا عليهم ، وسألوهم عن أحوال محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ، وعما أنزل الله عليه ، قالوا : دينه حقّ ، والله أنزل عليه الحقّ .. والذين أحسنوا فى الدنيا يجدون الخير فى الآخرة.
ويقال فى هذه الدنيا حسنة ، وهى ما لهم من حلاوة الطاعة بصفاء الوقت ويصحّ أن تكون تلك الحسنة زيادة التوفيق لهم فى الأعمال ، وزيادة التوفيق لهم فى الأحوال.
ويصح أن يقال تلك الحسنة أن يوفّقهم بالاستقامة على ما هم عليه من الإحسان.
ويصح أن يقال تلك الحسنة أن يبلّغهم منازل الأكابر والسادة.
قال تعالى : (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا) (١)
ويصح أن تكون تلك الحسنة ما يتعدّى منهم إلى غيرهم من بركات إرشادهم للمريدين ، وما يجرى على من اتبعهم مما أخذوه وتعلموه منهم ، قال النبي صلىاللهعليهوسلم : لأن يهتدى بهداك رجل خير لك من حمر النعم» (٢).
ثم قال : (وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ) ، لأن ما فيها يبقى ، وليس فيها خطر الزوال. ولأن فى الدنيا مشاهدة وفى الآخرة معاينة (٣).
قوله جل ذكره : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها تَجْرِي مِنْ
__________________
(١) آية ٢٤ سورة السجدة.
(٢) سبق تخريج هذا الحديث.
(٣) نفهم من هذا أن المعاينة أعلى درجة من المشاهدة ، ونفهم كذلك أن المشاهدة ـ وهى تنم فى هذه الدنيا ـ هى أقصى درجات المعراج الروحي عند أصحاب وحدة الشهود ، وكل قول بما يزيد عن ذلك خروج عن أصول هذا المذهب ، وقد نعى كثير من الباحثين على الغلاة والأدعياء والظالمين ، فى هذا الخصوص.