وتجردوا لسلوك طريق الله ثم عرضت لهم أسباب ، واتفقت لهم أعذار ؛ كأن يكون لهم ببعض الأسباب اشتغال أو إلى شىء من العلوم رجوع .. لم يكن ذلك قادحا فى صحة إرادتهم ، ولا يعدّ ذلك فسخا لعهودهم ، ولا ينفى بذلك عنهم سمة القصد إلى الله تعالى.
أمّا (مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً) : فرجع باختياره ، ووضع قدما ـ كان قد رفعه فى طريق الله ـ بحكم هواه فقد نقض عهد إرادته ، وفسخ عقده ، وهو مستوجب (...) (١) إلى (...) (٢) تتداركه الرحمة.
قوله جل ذكره : (ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (١٠٧))
السالك إذا اثر (الحظوظ) (٣) على الحقوق بقي عن الله ، ولم يبارك له فيما آثره على حقّ الله ، ولقد قالوا :
قد تركناك والذي تريد |
|
فعسى أن تملهم فتعود |
قوله جل ذكره (أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ (١٠٨))
إذا تمادى فى غفلته ، ولم يتدارك حاله بملازمة حسرته ، ازداد قسوة على قسوة ، ولم يستمتع بما هو فيه من قوة ، وكما قال جل ذكره :
(لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٠٩))
هم فى الآخرة محجوبون ، وبذلّ البعد موسومون.
__________________
(١) مشتبهة
(٢) مشتبهة.
(٣) سقطت هذه اللفظة والسياق يتطلبها ، فأثبتناها حسبما نعرف من أسلوب القشيري فى المقابلة بين حظوظ النفس وحقوق الحق.