إذا ندموا على قبيح ما قدّموا ، وأسفوا على كثير مما أسلفوا وفيه أسرفوا ، ومحا صدق عبرتهم آثار عثرتهم ـ نظر الله إليهم بالرحمة ، فتاب عليهم إذا أصلحوا ، ونجّاهم إذا تضرّعوا.
قوله جل ذكره : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٠))
قيل آمن بالله وحده فقام مقام الأمة ، وفى التفسير : كان معلّما ـ للخير ـ لأمة.
ويقال اجتمع فيه من الخصال المحمودة ما يكون فى أمة متفرقا.
ويقال لمّا قال إبراهيم لكلّ ما رآه : (هذا رَبِّي) ولم ينظر إلى المخلوقات من حيث هى بل كان مستهلكا فى شهود الحقّ ، ورأى الكون كلّه بالله ، وما ذكر حين ذكر غير الله .. كذلك كان جزاء الحق فقال : أنت الذي تقوم مقام الكلّ ، ففى القيام بحق الله منك على الدوام غنية عن الجميع.
و «الحنيف» : المستقيم فى الدّين ، أو المائل إلى الحق بالكلية (١).
قوله جل ذكره : (شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٢١))
الشاكر فى الحقيقة ـ من يرى عجزه عن شكره ، ويرى شكره من الله عزوجل ، لتحقّقه أنه هو الذي خلقه ، وهو الذي وفّقه لشكره ، وهو الذي رزقه الشكر ، وهو الذي اجتباه حتى كان بالكلية له ـ سبحانه.
(وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) أي تحقّق بأنه عبده ، وأنه رقّاه إلى محلّ الأكابر.
قوله جل ذكره : (وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٢٢))
الحسنة التي آتاه الله هى دوام ما أتاه حتى لم تنقطع عنه.
__________________
(١) الحنيف ـ فى اللغة ـ من الأضداد ـ المائل والمستقيم (ابن الأنباري فى كتاب الاضداد)