لَكَ أَمْراً) : أطلقه ولم يقرنه بالاستنشاء ، فما استنشأ لأجله لم يخالفه فيه ، وما أطلقه وقع فيه الخلف (١).
قوله جل ذكره : (قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً (٧٠))
فإنه ليس للمريد أن يقول : «لا» لشيخه ، ولا التلميذ لأستاذه ، ولا العامىّ ، للعالم المفتى فيما يفتى ويحكم.
قوله جل ذكره : (فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً (٧١))
لما ركبوا الفلك خرقها وكان ذلك إبقاء على صاحبها لئلا يرغب فى السفينة المخروقة الملك الطامع فى السفن.
وقوله : (لِتُغْرِقَ أَهْلَها) أي لتؤدى عاقبة هذا الأمر إلى غرق أهلها ؛ لأنه علم أنه لم يكن قصد إغراق أهل السفينة.
قوله جل ذكره : (قالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٧٢))
أي أنت تنظر إلى هذا من حيث العلم ، وإنّا نجريه من حيث الحكم.
قوله جل ذكره : (قالَ لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً (٧٣))
طالبه بما هو شرط العلم حيث قال : (لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ) ؛ لأن الناسي لا يدخل تحت التكليف ، وأيّد ذلك بما قرن به قوله : (وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً) فالمتمكّن من حقه
__________________
(١) الخلف ـ الإخلاف ، فقد خالف موسى الأمر حين كان ينسى ويتساءل عقب كل حادثة فى القصة ، وكان الحضر فى كل مرة يقول : (أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً).