وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا (٢١))
قالت أنى يكون لى ولد ولم ألمّ بزلة ولا فاحشة؟ فقال جبريل ـ عليهالسلام ـ : الأمر كما قلت لك ؛ فلا يتعصّى ذلك على الله تعالى ؛ إذ هو أقدر أن يجعل هذا الولد دلالة على كمال قدرته ، ويكون هذا الولد رحمة منه ـ سبحانه ـ لمن آمن ، وسبب جهل للآخرين.
قوله جل ذكره : (فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا (٢٢))
لمّا ظهر بها الحمل ، وعلمت أنّ الناس يستبعدون ذلك ، ولم تثق بأحد تفشى إليه سرّها .. مضت إلى مكان بعيد عن الخلق.
قوله جل ذكره : (فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا (٢٣))
ألجأها وجع الولادة إلى الاعتماد إلى جذع النخلة. ولمّا أخذها الطلق ، وداخلها الخجل من قومها نطقت بلسان العجز ، وقالت : (يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا).
ويقال يحتمل أنها قالتها إشفاقا من قومها ، لأنها علمت أنّهم سيبسطون لسان الملامة فيها بلسان الفجر ؛ وينسبونها إلى الفحشاء.
ويقال قالتها شفقة على قومها لئلا تصيبهم بسببها عقوبة.
ويقال قالت : (يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا) حتى لم أسمع من قال فى الله تعالى بسببى إن عيسى ابن الله وابن مريم ، وإن مريم زوجته ... تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا!
ويقال (يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا) : فى الوقت الذي كنت مرفوقا بي ، ولم تستقبلنى هذه الخشونة فى الحالة التي لحقتني.